38 عامًا مرت على رحيل العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ أشهر نجم عربى في عالم الغناء.. حياته كلها حكايات وأسرار.. ورغم مرور السنوات فـإن الأجيال الحالية لا تعرف شيئًا عن العندليب سوى أغانيه وأفلامه..
تعالوا معا نروى جانبًا من حياة العندليب الأسمر..ولد عبدالحليم حافظ يتيما، وعاش في أحد الملاجئ لمدة ٨ سنوات، حتى صار نجم النجوم في العالم العربي، وصديقا للملوك والرؤساء وكبار السياسيين والفنانين والأدباء والرياضيين.
ومن الطرائف في حياته أنه كان زملكاويا متعصبا في بداية حياته، لأن كل من وقفوا بجانبه في بداية حياته كانوا زملكاوية ويعشقون نادي الزمالك بداية من حافظ عبد الوهاب رئيس لجنة الموسيقى والغناء بالإذاعة الذي أعطاه اسمه، وأصبح عبدالحليم حافظ بدلا من عبدالحليم شبانة.
أيضا كمال الطويل زميله في معهد الموسيقى ومحمد الموجى أول من لحن له أغنية مسجلة بالإذاعة، وأحمد فؤاد حسن قائد الفرقة الماسية كانوا زملكاوية.. وكذلك الموسيقار محمد عبدالوهاب وأم كلثوم ومحمد فوزى كانوا زملكاوية.
أول من قدموا له حفلاته في الإذاعة فهمى عمر وجلال معوض والمأمون أبوشوشة كانوا زملكاوية وكانوا يصحبونه معهم إلى نادي الزمالك، حيث يجتمع الفنانون الزملكاوية شكرى سرحان ورشدى أباظة وصلاح ذو الفقار وأحمد مظهر ونور الدمرداش وسيد إسماعيل ومحمد عبدالمطلب وإسماعيل ياسين.
هناك في الزمالك صار صديقا للاعبين: حنفى بسطان وعلاء الحامولى ونور الدالى ورأفت عطية وعلى محسن ونبيل نصير وعصام بهيج وحماده إمام، وكان يحضر كثيرا مباريات الزمالك مع فهمى عمر وجلال معوض وكمال الطويل.
وفجأة حدثت له مشكلة مع أحد الأعضاء فاقسم ألا يدخل نادي الزمالك ثانية، وكان قد أصبح صديقا لـ «عمر الشريف» الذي كان أهلاويا متعصبا وأيضا لـ «فريد شوقي» وهو أهلاوى كذلك، ومن خلالهما تعرف على صالح سليم وطارق سليم وعبدالوهاب سليم فأخذوه إلى النادي الأهلي، وكان يذهب أحيانا إلى نادي الجزيزة الملاصق للنادي الأهلي ليحضر مباريات البريدج التي يلعبها عمر الشريف مع عبدالعزيز الشافعى بطل مصر الأسبق في السباحة وكرة الماء، وفايز يكن وشلة الاهلاوية، وتحول خلال هذه الفترة إلى حب وتشجيع النادي الأهلي، وخاصة بعد أن توطدت علاقته بالفنانات: صباح وشادية ونادية لطفى وسعاد حسنى وكن من مشجعات الأهلي الكبار.
غنى عبدالحليم «صوتا فقط» في فيلم «بعد الوداع» وفيلم «علاء الدين والمصباح السحري» وهو فيلم هندى قام بدبلجته إلى اللغة العربية المخرج أحمد كامل مرسي، وغنى فيه عبدالحليم على لسان سابو البطل الهندى للفيلم ست أغنيات.. كما غنى أيضا في فيلم فرنسى مدبلج اسمه «على بابا والاربعين حرامي» كما غنى في فيلم «بائعة الخبز» عام ١٩٥٣، وغنى فيه «أنا أهواك» على لسان بطل الفيلم شكرى سرحان، كما غنى فقط بالصوت فيلم “فجرِ” عام ١٩٥٤ وأخيرا عنى ملحمة فيلم «أدهم الشرقاوي».
وبدأ عبد الحليم حافظ حياته السينمائية ممثلا ومطربا بالصوت فقط دون الصورة، بسبب نحافة جسمه.
كل هذه الأفلام غنى فيها بصوته دون أن يظهر على الشاشة ولا مرة إلى أن ظهر لأول مرة في فيلم «لحن الوفاء» أمام شادية الذي عرض لأول مرة بسينما «فريـال» بالإسكندرية يوم أول مارس ١٩٥٥ قصة وسيناريو وحوار محمد مصطفى سامي، وإنتاج الممثلة اللبنانية مارى كوين زوجة المخرج أحمد جلال.
حليم صديق الملوك والرؤساء
كان عبدالحليم حافظ أكثر الفنانين علاقة بالملوك والرؤوساء والعرب بداية بجمال عبدالناصر الذي تبناه واعتبره ابنه واطلق عليه لقب مطرب الثورة.. وانتهاء بالملك الحسن الثانى ملك المغرب الذي كان يدعوه مرة أو مرتين سنويا للغناء في عيد الجلوس على العرش وعيد الشباب.
وهناك موقف تاريخى لحليم مع الملك الحسن.. ففى يوليو ١٩٧١ سافر حليم مع مجموعة من الفنانين المصريين للغناء في عيد العرش وجهز أغنية ليغنيها امام الملك من كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدى.
ذهب إلى الإذاعة لعمل بروفة وتسجيل الاغنية قبل أن يغنيها في الحفل.. وبينما هو في الاستوديو إذا بالنور ينقطع عن مبنى الإذاعة المغربية في الرباط ودخل الاستوديو ضابطان وأربعة جنود وتم توصيل التيار الكهربائى وقال الضابط لحليم إن انقلابا قد وقع على الملك الحسن بقيادة الجنرال محمد مدبوح والجنرال محمد أو فقير، وقدم الضابط ورقة لعبدالحليم حافظ قائلا له «هذا بيان الثورة وعليك أن تقرأه بنفسك وتعلن قيام الثورة وعزل الملك الحسن».
هنا ذهل عبدالحليم وقال للضابط انت تطلب منى المستحيل.. انا الملك صديقى ولا يمكن أن أخونه.. ثم أننى مطرب.. أقدم فنا وليس لى علاقة بالسياسة.. إن أردت أن تقتلنى اقتلنى لكنى لن أقرأ هذا البيان.. ثم بصوت مسموع قال «أشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله».
هنا تغير أسلوب الضابط وقال لحليم: والله انت إنسان وفى ومخلص وأنا لن اقتلك بل سوف انقذك واحميك حتى تخرج من هنا.. وطلب من مهندس التسجيلات أن يرشد الجنود إلى سرداب تحت الأرض يخرج منه إلى الفندق ورافقه ثلاثة جنود حتى أوصلوه إلى الفندق في الرباط وحكى الحكاية للمصريين الموجودين الذين كانوا سيشاركون في الحفل غدا
جلس المصريون يتايعون الأنباء من الراديو وسمعوا من إذاعة الشرق الأدنى نجاة الملك الحسن من محاولة اغتيال في قصر السخيرات بمدينة المحمدية فاطلق بعض أعضاء الكورال زغزودة وزغرد باقى أفراد الكورال واستمع البعض إلى الزغاريد وأبلغوا الملك أن المصريين يزغردون لوقوع انقلاب على الملك الحسن الذي حزن وأمر باعتقال كل المصريين وسجنهم وترحيلهم لكن تشاء الاقدار أن تنقذهم أميرة سعودية كانت تنزل معهم في الفندق وقالت للضابط الكبير واقسمت انها شاهدة على الواقعة من أولها وهى أن المصريين كانوا في غاية الحزن ولما سمعوا من صوت الراديو نجاة الملك من الاغتيال اطلقت النساء الزغاريد فرحا وابتهاجا بنجاته وقام بإبلاغ الملك الذي سر سرورا كبيرا وأمر بمنح كل عضو بالكورال ٢٥ ألف دينارمغربي، وساعة من الذهب لكل ملحن ومؤلف..
أما عبدالحليم فكانت جائزته جواز سفر دبلوماسى مغربى أحمر، ومعه مرسوم ملكى بمنحه الجنسية المغربية وأمر بوضع طائرته الخاصة تحت تصرف حليم خلال فترة علاجه في باريس ولندن ودفع ٢٥ ألف استرلينى تحت حساب علاج عبدالحليم حافظ بالمستشفى الذي يعالج به في لندن وهو مستشفى لندن كوليدج.
اصل الموضوع