كتب طارق شحاتة
"عمى عبدالحليم كان حريصا على زيارة أولياء الله الصالحين، وختم حياته بأداء مناسك العمرة الأخيرة سنة 1976 قبل إجرائه العملية الجراحية الشهيرة التى لقى ربه بعدها".. بهذه الكلمات بدأ محمد شبانة، ابن شقيق عبدالحليم حافظ، حديثه لـ"صدى البلد"، الذى تحدث فيه ذكرى عمه الـ36 عن علاقة حليم بالأشراف وسيدنا الحسين، وبحملة كتاب الله، والناس الطيبين، والمسيح، والشيخ مصطفى إسماعيل، وجامع الفتح بالزقازيق والدعاء المفضل له.
فى البداية، تحدث محمد شبانة، ابن شقيق العندليب، قائلا: "عمى عبدالحليم وآل شبانة جميعهم ينتمون لعائلة تميم الموجودة بالحجاز بالسعودية، عن طريق علاقة نسب سيدنا على وسيدتنا فاطمة الزهراء وصولا بسيدنا الحسين "رضى الله عنهم أجمعين"، وبالتالي ينتمون للأشراف، وجدي كان رجلا مزارعا بسيطا على "قد حاله" يرعى أرضه، المتمثلة فى بعض القراريط، ويصلى في المسجد ويرفع الأذان ويعود إلى الحقل، وتركهم وعمى إسماعيل كان عمره 12 سنة ووالدى 9 سنوات وعمتى 5 سنوات وعبدالحليم كان "لسه مولود".
ويمضى فى حديثه قائلا: "عمى عبدالحليم كان حريصا على زيارة أولياء الله الصالحين، وختم حياته بعمل عمرة سنه 1976 وعاد إلى القاهرة ومنها إلى لندن لإجراء العملية الجراحية وتوفى بعدها، ولحسن حظه وقت أدائه العمرة الأخيرة كان باب الكعبة مفتوحا لغسل الكعبة المشرفة وصلى بداخلها فى الأركان الأربعة، وأذكر عند عودته قال لنا "شوفت لكم حاجات حلوة جدا لكم ولذريتكم جميعا" لم يفصح عنها، ودعى الله لنا جميعا وخاطب المولى عزوجل "يارب أنا تعبت وعايز أقابلك" وربنا استجاب له – رحمه الله.
وقال شبانة إن "عبدالحليم لم يشرب الخمر ولم يلعب القمار وكان كبيره يلعب "الكوتشينة" مع أصحابه فقط، ممكن يتفسح فى الدول التى كان يغنى بها فى حفلات هناك، لأنه كان قريبا من ربنا جدا لأنه كان يعانى من النزيف وعمره 26 عاما وأجرى 17 عملية جراحية".
وأوضح أن "عبدالحليم له 12 دعاء ولن يستطيع أحد الوصول لإحساسه فى طريقة غنائه وهذه نفحات من المولى عزوجل يخص بها عباده".
وعن طقوسه قبل الصعود على خشبة المسرح، أكد شبانة أن "حليم كان حريصا على قراءة بعض آيات الذكر الحكيم، وكذلك قبل خروجه من المنزل وسفره خارج البلاد، ويكتب بالقلم الرصاص على الحائط آية " بسم الله الرحمن الرحيم "إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى ميعاد" صدق الله العظيم، وعند عودته سالما إلى بيته يقوم بمسحها بالاستيكة، وآخر مرة كتبها على الهواء ويبدو أنه كان يشعر بعدم عودته إلى بيته مرة أخرى، كما كنت آخر من تحدث معه تليفونيا قبل الوفاة بيوم واحد عندما رن جرس تليفون المنزل وقمت بالرد عليه بالصدفة البحتة وكنت لا أعلم أنه "عم حليم" وإذا به يقول لي "أهلا حمادة حبيبي.. إزيك ادعى لى ياحمادة"، وسأل عن والدى وكان خارج المنزل، وتكلم مع الحاجة فردوس وطلب منها الذهاب لمسجد الحسين والدعاء له بالشفاء، كما أن الشيخ محمد درويش منذ كان يعيش عمو حليم فى شقة المنيل الصغيرة وهو يقرأ القرآن بالبيت يومى الاثنين والخميس حتى وفاة الشيخ منذ عامين تقريبا".
وأضاف: "كما كان حليم حريصا على عمل ختمة للقرآن بالبيت فى الزمالك، وللعلم لا أحد يعلم ذلك، وعندما فتحنا مقبرته للمحافظة عليه من المياه الجوفية وجدنا وجهه وعينيه وجفونه وشعره وأذنه وابتسامته ونايم فى أمان، فسألت أحد المشايخ فى المجمع الإسلامى الذى لم يمانع فى سرد تلك القصة على أساس إنها حاجة كويسة يعنى وحتى يحتذى به الناس، ومعناها أنه شخص كان يفعل الخير فى الخفاء، فقد كان يرحمه الله يحب الذبح وقراءة القرآن واللى ساعده على كده تربيته فى كتاب القرية، كما كان لديه كتب تفسير القرآن الكريم ويصلون فى جماعة والدى وأعمامى جميعا".
وأكد أنه "عانى كثيرا من مرضه وربنا له فى ذلك حكم، ولكن سيرته إلى الآن بفضل الله "زى الفل"، كما كان يفضل ارتداء الجلاليب والطاقية ويجلس فى حجرته وهو يقرأ القرآن وكان والدى يرحمه الله يقول لي كم تمنى تسجيل صوت عبدالحليم للقرآن ولكنه كان يرفض ذلك، ويقول له "هذه علاقة خاصة بربنا لا أحب لأحد الاطلاع عليها"، كما كان لا يحب التصوير وهو يصلي".
وعن علاقته بالمشايخ، أوضح شبانة أن "جميع المشايخ كانوا حبايبه، وعلاقته بهم يسودها الحب والاحترام، كما كان دوما يقيم الليالي دون أن يعرف أحد".
وعن المنشآت التى شارك فى بنائها، أكد شبانة أن "حليم ساهم في بناء مسجد الفتح بالشرقي، وبناء جامعة الزقازيق وخصص دخل ثلاث حفلات لهذا الغرض، وكذلك الوحدة الصحية بقرية الحلوات وأشياء خيرية كثيرة أخرى".
وهنا يتذكر شبانة المواطن العراقى الذى حرص على الحضور إليهم ليروى لهم رؤية خاصة بعبدالحليم منذ حوالى سبع سنوات بأنه رأى فى المنام "عبدالحليم يرتدى زيا أخضر ويجلس على سحابة بيضاء وبجواره الشيخ مصطفى إسماعيل على نفس الهيئة يقرأون سورة الرحمن بالتناوب"، وفوجئت بصديقنا المشترك أحمد زغلول، مدير أعمال المطرب عمرو دياب، بعد أن قصصت عليه ماسبق ذكره يقول لي إنه حضر المأتم الخاص بعمى عبدالحليم وإن الشيخ مصطفى إسماعيل هو من يقرأ القرآن وقتها داخل السرادق الكبير لدرجة أنه توفى قبل الأربعين الخاص بعمى عبدالحليم.. وربنا يرحمه ويجعل سيرته عطرة دائما".
وعن أغنية "المسيح"، أكد أنها "تعتبر أغنية إسلامية - من زاوية الإسلام - والتى تقول كلماتها "لازم يعود على أرضها"، لدرجة أنهم فى مسرح "ألبرت هول" بلندن التى غنى بها هذه الأغنية قبضوا على شخص يريد قتل عمى عبدالحليم علشان ذكر أن اليهود خانوه، والحمدلله ربنا كرمه وتعتبر من أحلى أغانيه.. وعبدالحليم كان ملك الناس كلها".
ويواصل حديثه قائلا: "حرصنا على الحج لعمى عبدالحليم بعد وفاته عن طريق أحد الأشخاص "على نفقتنا الخاصة" فى نفس رحلة الحجيج التى كان بها أيضا والدى وعمى إسماعيل وعمتى عليه، فى عام 84".