نص كلمة الرئيس السيسي في حفل تنصيبه رئيسا
السيد المستشار عدلي منصور رئيس جمهورية مصر العربية السابق، الإخوة والأخوات أبناء الشعب المصري العظيم، إسمحوا أن أتقدم بأسمى آيات التقدير والعرفان للسيد المستشار الجليل عدلي منصور على ما قدمه من عمل وطني عظيم، ولقد أنجزتم يا سيادة المستشار الإستحقاقين الأول والثاني من خارطة المستقبل لشعب مصر على الوجه الأكمل, وإنني بدوري أعاهدكم وأعاهد الشعب المصر بأنني سأسهر على إحترام السلطة التنفيذية بكافة نصوص دستورنا هذا، كما أعاهدكم أيضا على إنجاز إستحقاقنا الثالث وفقا للجدول الزمني لخارطة المستقبل.
الإخوة المواطنون، أخاطبكم اليوم بعد أن أديت اليمين الدستورية رئيسا لجمهورية مصر العربية، أقسمت أن أحافظ على النظام الجمهوري الذي أسست له ثورة يوليو المجيدة إحقاقا للحق وإرساء للعدالة والمساواة، وصيانة لكرامة المواطن المصري، وأن أحترم الدستور والقانون، دستورنا الجديد، دستور دولتنا المدنية وحكمنا المدني، دستور العمل والإرادة الذي يضم كافة أطياف مجتمعنا المصري ينظم العلاقة بين السلطات ويصون الحقوق والحريات للجميع، أقسمت أيضا أن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، كل الشعب، فإنني رئيس لكل المصريين لا تفريق بين مواطن وآخر ولا إقصاء لأحد، فلكل مصري دوره الوطني، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه.
الوطن الذي تعرض لتهديد حقيقي كان سيطال وحدة شعبه وسلامة أرضه، ولكن ثورتنا الشعبية في 30 يونيو إستعادت ثورة 25 يناير، وصوبت المسار وتصون الوطن ووحدته محافظا عليه.
الإخوة والأخوات أبناء الشعب المصري العظيم، لا أجد من الكلمات ما يعبر عن سعادتي بكم وصدق ظني فيكم أن فرحتي الحقيقية اليوم هي بمدى وحدة وتماسك الشعب المصري بقدر وعيكم السياسي ونضالكم الديمقراطي، لقد ضربتم للعالم أجمع مثالا في التحضر وتحمل المسؤولية، وبرهنتم علي أن قدرتكم لم تتوقف عند حدود اسقاط أنظمة مستبدة أو فاشلة وإنما ترجمتها عقولكم وأيديكم إلى إرادة ديمقراطية حقيقية تم التعبير عنها في صناديق الاقتراع للمرة الثانية في أقل من خمسة أشهر.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، في هذه اللحظة التاريخية الفارقة من عمر أمتنا ومصيرها، أجد مشاعري مختطلة ما بين السعادة بثقتكم والتطلع لمواجهة التحديات، وإثبات أن تلك الثقة كانت في محلها، الخوف من الله والرجاء في رحمته ومعونته أدعوه في كل صلاة متوكلا غير متواكل أن يوفقني ويعينني على آداء مهمتي على الوجه الذي يرضيه عني.
إن العقد الاجتماعي بين الدولة ممثلة في رئيسها ومؤسساتها وبين الشعب لا يمكن أن يستقيم من طرف واحد وإنما يتعين أن يكون التزاما على الطرفين، سوف نعتمد الحقيقة والمصارحة منهجا لتطبيق عقدنا الاجتماعي، وكما سنتقاسم الاطلاع على حقيقة الأمر ونتشارك في الجهد والعرق سوف نجني معا أيضا ثمار جهدنا وتعاوننا إستقرارا سياسيا وإستتبابا آمنيا ونموا إقتصاديا متنوعا وعدالة اجتماعية وحقوقا وحريات مكفولة للجميع.
أبناء مصر الكرام، إن ثورتين مجيدتين في الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو قد مهدتا الطريق الي بداية عزف جديد في تاريخ الدولة المصرية، يكرس للقوة وليس للقمع، وصيانة للسلام وليس للعدوان، ودفاعا عن دولة القانون والحق والعدل، يؤسس للقضاء على الارهاب وبث الأمن في ربوع البلاد مع صيانة الحقوق والحريات.
عزف جديد في تاريخ الدولة المصرية يدعم اقتصادا عملاقا ومشروعات وطنية ضخمة للدولة والقطاع الخاص واستثمارات مباشرة، مع الحفاظ على حقوق الفقراء ومحدودي الدخل وتنمية المناطق المهمشة، يصون منظومتنا القيمية والاخلاقية، يعززها ويحميها، ويكفل للفنون والآداب حرية الفكر والابداع، ويؤمن ويرحب بالانفتاح ويحافظ على الهوية المصرية وطبائعنا الثقافية.
إن مصر الجديدة ستعمل من أجل المستقبل متفاعلة مع متطلبات الحاضر ومستفيدة من تجارب الماضي.
الإخوة المواطنون، إنني لست دعاة اجترار الماضي بهدف التوقف عند لحظات صعبة مضت ولن تعود، ولكنني من المؤمنين بضرورة الإعتبار من تجاربه للحيلولة دون تكرار السيء منها، وكما تعلمون فقد عاش وطننا فترة عصيبة قبل الثلاثين من يونيو، استقطاب حاد كان ينذر بحرب أهلية، سوء استغلال للدين للتستر خلفه لارتكاب أفعال تجافي صحيحه, وتكون الشعوب والأوطان هي الخاسر الأكبر كما رأيتم، ويضاف إلى ذلك ظروف اقتصادية متردية، ديون داخلية وخارجية متراكمة، عجز ضخم في موازنة الدولة، وبطالة مستفشية بين أوساط الشباب، سياحة متوقفة ونقص حاد في موارد الدولة من العملات الصعبة ونزيف في الاحتياط النقدي، ونقص حاد في موارد الطاقة وتهديد لأمننا القومي يطال موردا أساسيا من موارد وجود الأمة المصرية، وواقع اجتماعي لا يقل كارثية عن نظيريه السياسي والاقتصادي.
إن استقطابا دينيا حادا ليس فقط بين المسلمين والمسحيين، ولكن بين أبناء الدين الواحد، دعاوى تكفير تطلق هنا وهناك، وبدلا من أن يلتفت نظام الحكم القائم آن ذاك إلى ما يحيط بالوطن من أخطار كان يساهم فيما يحاك من مخططات تنال من وحدة شعبه وسلامته الاقليمية لتحقيق رؤى مشوهة ومفاهيم مغلوطة تتنافى مع مفهوم الوطن ومصالحه، فضلا عن تناقضها مع تعاليم ديننا الحنيف.
شعب مصر العظيم : لقد تعرفتم على رجل من رجال القوات المسلحة وما عبرتم عنه من تقدير وثقة فيه بتكليفكم لي في هذا المنصب إنما يعود بالأساس إلى موقف تلك المؤسسة العسكرية الوطنية العريقة من تطلعاتكم وآمالكم.
ففي اللحظة التي شرفت فيها بتولي رئاستها، إنها القوات المسلحة مصنع الرجال ورمز الالتزام والانضباط قلعة الوطنية المصرية على مر العصور، نؤمن جميعا بأن الفضل لله، ولكنه سبحانه وتعالى خلق الأسباب، ولقد شاء القدر أن يكون لهذه المؤسسة الوطنية دور أساسي في انتصار ارادة الشعب المصري في ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو.
فلقد انحازت القوات المسلحة المصرية إلى إرادة الشعب ونجحت باخلاص ووطنية رجالها في مواجهة ما دبر وخطط لضرب استقرار وأمن الوطن، فاذا تأملنا واقعنا الاقليمي سندرك تماما معنى ان يكون جيش الدولة وطنيا موحدا لا يؤمن بعقيدة سوى الوطن بعيدا عن اي انحيازات او توجهات وسيظل الجيش المصري من الشعب وللشعب يؤمن بان عطاءه ممتد حربا وسلاما وسيسجل التاريخ لقواتنا المسلحة دورها الوطني العظيم في الحفاظ على الوطن مصانا وعلى الشعب موحدا.
إنني لم أسع يوما وراء منصب سياسي، فلقد بدأت حياتي المهنية في مؤسسة القوات المسلحة تعلمت فيها معنى الوطن وقيمتها وتحمل المسؤولية، وتعلمت أيضا أن حياتنا وأرواحنا هي فداء للوطن، كما تعلمت في تلك المؤسسة أنه لا هروب من ميدان القتال، فلقد استخرت الله متوكلا عليه وإنحزت إلى ارادة الشعب، وأقدمت على اعلان بيان الثالث من يوليو الذي صاغته القوى الوطنية بمشاركة الشعب لتبدأ مرحلة جديدة من عمر أمتنا.
معركة يتعين أن نخوضها بشرف وكرامة، فنحن لسنا مدانين لأحد ولا ننتظر فضلا من أحد، فالدين لله والفضل من الله، وسنبني باذن الله وطننا على أسس من العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية تكفل لنا الحرية والعيش الكريم، وإعلموا أنه اذا كانت مصر أثبتت مرة أخرى أنها عصية على الانكسار فإن ذلك بفضل الله يعود إلى وحدة الدولة شعبا ومؤسسات.
ولا أخفيكم سرا أنكم أنتم الذين منحتم الدولة المصرية وحكومتها -بوحدتكم خلف ثورتين وأهدافهما- ما يلزم من ثقة وتأييد وتمكين لتكون بلادنا مستقلة القرار رافضة لتدخل كائن من كان في شأننا الداخلي.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي :
الإخوة والأخوات : إنني أعي وأقدر تماما الإرث الثقيل من التجريف السياسي والتردي الإقتصادي والظلم الإجتماعي وغياب العدالة التي عانى منها جميعا المواطن المصري لسنوات ممتدة، ولكنه ليس من الأمانة أو الواقعية أن أعد المواطن المصري البسيط التخلص من هذه التركة المثقلة بمجرد تقلدي مهام منصبي الرئاسي، لكني أشهد الله تعالى أنني لن أدخر جهدا لتخفيف معاناته ما إستطعت، فلن أعارض مقترحا في صالحه وسأتخذ ما يمكن من اجراءات للبدء في تحسن أوضاعه، ولن أتوانى يوما أن أضمد جراح أي مصري أو أن أساهم في تخفيف آلامه أو تبديد خوفه على أحد من أبنائه. وفي سبيل تحقيق ذلك سنعمل معا جميعا من أجل أن ينعم كل مواطن مصري بالسعادة والرفاهية في ظل مصر الجديدة تنعم بالاستقرار والرخاء.
أبناء مصر أتطلع الى عصر جديد يقوم على التصالح والتسامح من أجل الوطن، تصالح مع الماضي وتسامح مع من اختلفوا من أجل الوطن وليس عليه، تصالح ما بين أبناء وطننا بإستثناء من أجرموا في حقه أو إتخذوا من العنف منهجا. أتطلع الى إنضمام كافة أبناء الوطن، كل من يرون مصر وطنا لنبني سويا مستقبل لا إقصاء فيه لمصري، وتحقيق العيش والحرية والكرامة الوطنية والعدالة الاجتماعية، وأما من أراقوا دماء الأبرياء وقتلوا المخلصين من أبناء مصر، فلا مكان لهم في تلك المسيرة، وأقولها واضحة جلية، لا تهاون ولا مهادنة مع من يلجأ إلى العنف، ومن يريدون تعطيل مسيرتنا نحو المستقبل الذي نريده لأبنائنا، لا تهاون ولا مهادنة مع من يريدون دولة بلا هيبة.
أعدكم بأن المستقبل القريب سيشهد استعادة الدولة المصرية لهيبتها على التوازي مع جهدنا جميعا ` أنتم وأنا ` لتحقيق الآمال والتطلعات.