ياااااا على أرجوك لا تفهمنى بسرعة
المسلسل أنتج فعلا كما ذكرت عميدنا الكبير لكى يذاع فى رمضان من عام 1973 ولم يتم
إذاعته كاملا فى نفس العام بسبب إندلاع حرب السادس من أكتوبر العاشر من
رمضان وأذيع كاملا فى صيف العام التالى.
عن قصة الكاتب محمود عوض الذي كتبها له خصيصا في
لحظة تحدٍ أبدى فيها عبد الحليم استعداده لتقديم عمل إذاعي بشرط أن يكتبه محمود
عوض الذي كانت تربطه صداقة قوية في ذلك الوقت بحليم
قصة ميلاد وتأليف «أرجوك لا تفهمنى بسرعة» التى كتبها الكاتب الصحفى الكبير محمود عوض، شاهدة على كل ذلك، شاهدة على نموذج العلاقة بين الفنان والكاتب، تلك العلاقة التى تحكمها كيمياء خاصة لا تخضع لقواعد جامدة، أو معادلات جافة، وإنما أرواح تتقابل فى لحظة معينة، فتتبادل لقاح العطاء، كان عبدالحليم حافظ ومحمود عوض نموذجا لهذا النوع من العلاقة، ومنه ولدت قصة المسلسل الذى يحكى عن مجموعة من الشباب فى نهاية مرحلتهم الجامعية، وبعد أن يتخرجوا يكتشفون الفرق بين الحلم والواقع، فماذا عن الخلفيات التى أدت إلى ميلاد المسلسل، وأهمها الكيمياء الخاصة التى جمعت عبدالحليم «الفنان» وعوض «الكاتب».
كان العام هو 1973، وكانت مصر تعيش على أطراف أصابعها، كانت مشدودة نحو صوت ضرورة الحرب للأخذ بالثأر من إسرائيل التى انتصرت فى 5 يونيو عام 1967، واحتلت سيناء، بهذه اللغة كانت الإذاعة مشدودة نحو التعبئة فى العداء لإسرائيل، وذلك عبر برامج متنوعة وموجهة، لكنها كانت فى نفس الوقت تمضى فى رسالتها الأخرى من إذاعة برامج ومسلسلات يتابعها الناس ليس فى مصر فقط، وإنما من المحيط إلى الخليج، كانت الإذاعة هى صاحبة التأثير الطاغى على الجماهير، فالتليفزيون لم يكن بطغيانه الحالى.
فى هذه الأجواء كان التسابق والتنافس على أشده بين الموجات الإذاعية المختلفة، وكانت الانفرادات تتم خصوصا لشهر رمضان من كل عام، كما يحدث الآن بين قنوات التليفزيون الأرضية والفضائية، واستعدادا لشهر رمضان عام 1973، اشتد الصراع بين الإذاعى الكبير وجدى الحكيم، والمخرج الإذاعى الراحل والرائد محمد علوان، حول من يفوز بمذكرات أم كلثوم وعبدالحليم حافظ، فاز وجدى بمذكرات أم كلثوم، وخسر علوان مذكرات عبدالحليم، لكنه فاز بقول عبدالحليم له، إنه سيقوم ببطولة مسلسل للإذاعة فى شهر رمضان، وحتى لا تضيع الفرصة أسرع علوان بالذهاب إلى عبدالحليم، وفى يده عقود الإذاعة.
- قال علوان: «مدير الإذاعة فوضنى فى أى مطالب لك يا عبدالحليم»
- رد عبدالحليم: «لى شرط واحد فقط، وهو أن يكتب محمود عوض قصة المسلسل».
- قال علوان: «أوافق»
لم يكتف عبدالحليم بالاتفاق الشفهى مع علوان، وإنما كتب مع توقيعه نصاً: «على أن يقوم بكتابة المسلسل الأخ محمود عوض».
لم يكن فى شرط عبدالحليم مجاملة، وإنما تقدير منه بأنه أمام موهبة كبيرة، موهبة لها حساسية مختلفة عن كل صداقات عبدالحليم من كبار الكتاب والأدباء، والتى كونها منذ بدء شهرته الفنية، وتربعه على عرش الغناء العربى مع أم كلثوم، مثل مصطفى أمين، إحسان عبد القدوس، أحمد رجب، أحمد بهاء الدين، محمد حسنين هيكل، أنيس منصور، وغيرهم.
أخذ عبدالحليم من هذه الكوكبة ثقافة وفكرا، وتواصلا مع المجتمع بتجليات أخرى، لكنه لم يغلق نفسه عليها، وإنما امتدت عيناه إلى مواهب الأجيال الجديدة، وكان محمود عوض نموذجا.
كلمة شكر بسيطة أمام موضوعاتك الرائعة
التى تذكرنى بالماضى الجميل
تحياتى مسيو نعيم على رفعك المميز
الله لا يحرمنا من وجودك يارب