https://www.youtube.com/watch?v=DZNPqXNcLnw
يا ساعة بالوقت إجري: فريد الأطرش ونور الهدى
ما أن أدخل عبد الوهاب التانجو في الموسيقى العربية حتى وقع في أسره عتاة الملحنين في مصر المحروسة، خاصة عند تعاملهم مع الأغاني السينمائية، من العبقري محمود الشريف (مثال: لحنه المذهل لليلى مراد "أطلب عينيه")، إلى المجدد الكبير محمد فوزي (مثال: رائعته "راح توحشيني").
كان التانجو إذن ابناً شرعياً للسينما الغنائية في مصر، ازدهر مع ازدهارها واندثر استخدامه مع تراجع واندثار السينما الغنائية. لهذا، ليس مدهشا أن نجد أن فريد الأطرش، بما هو "رائد السينما الغنائية المصرية" من أهم من استخدموا إيقاع التانجو في أغانيهم. كيف؟
مرت السينما الغنائية في مصر بثلاث موجات رئيسية، الأولى في الأربعينات ومطلع الخمسينات، وسيطر عليها تماما فريد الأطرش (31 فيلما غنائيا) من جهة وليلى مراد من جهة أخرى، والثانية في الخمسينات ومطلع الستينات وكان أبرز نجومها الرباعي (محمد فوزي/عبد الحليم حافظ/شادية/صباح)، والثالثة كانت في السبعينات وقامت على اكتاف سعاد حسني أساسا (برباعيتها مع صلاح جاهين: خللي بالك من زوزو/المتوحشة/أميرة حبي أنا/شفيقة ومتولي) وثلاثية وردة الجزائرية (حكايتي مع الزمان/أه يا ليل يا زمن/صوت الحب) والتجربة الهامة لعفاف راضي (مولد يا دنيا).
وكان فريد الأطرش –أكثر من قدم أفلاما غنائية في تاريخ السينما المصرية– هو أيضا أكثر من لحن باستخدام إيقاع التانجو. والطريف أن تجربة فريد الأطرش مع التانجو تحكي ببلاغة شديدة قصة التانجو في الموسيقى المصرية. كيف؟
بدأت التجربة الأولى لفريد الأطرش مع التانجو، من خلال لحن صيغ على طريقة اسكتشات الكابريهات، في فيلم "ماقدرش" الذي قام ببطولته مع تحية كاريوكا سنة 1946، ثم انتقل لغناء التانجو بالفصحى (مثال: قصيدة "يا زهرة في خيالي" من فيلم حبيب العمر سنة 1947)، ووصولا إلى غناء وتلحين أغاني تانجو بالعامية مثل أغنية "يا حبيبي طال غيابك ليه يا قاسي" من فيلم عفريتة هانم سنة 1949، واللحن الرائع الذي سنستمع له اليوم من غناء العظيمة المنسية نور الهدى، وهو لحن "يا ساعة بالوقت إجري" من فيلم "ما تقولش لحد" (إنتاج 1952).