قارئـــــــــــة الفنجـــــان...
رحلة المعانــاة والحرمان بين عبد الحليـــم وسعاد حسنــي
القراء الكرام
وراء كل أغنية حكاية وتاريخ، حكاية تعايش الماضي والحاضر، سطرت وكتبت إيقاعاتها وأحداثها ميراثا غنيا للأجيال لتجسّد الواقع وما يحمله من دموع وآهات وابتسامات...
وهذه واحدة من الحكايات.
ظلّت قصة الحب التي جمعت عبد الحليم حافظ بسعاد حسني مثارا للتساؤلات والتخمينات والحيرة... قصة اختلاف حولها الكثيرون فكان أن تم تناولها بأكثر من طريقة... لكن ما يمكن التوقف عنده حول حقيقة هذا الحبّ بين النجمين الراحلين ما أودرته الممثلة سعاد حسني في مذكراتها عند حديثها عن قصيد «قارئة الفنجان» التي أدّاها عبد الحليم حافظ سنة قبل رحيله الى دار الخلد... قدّمها عبد الحليم حافظ في عيد شم النسيم (ربيع 1976)... في لحظات وجدانية خاصة مليئة بالشجن والألم والدموع.
اعترفت سعاد حسني بأنها هي المقصودة بـ«قارئة الفنجان» التي صاغها نزار قباني من رحم معاناتهما (حليم وسعاد) وترجم رحلتهما المليئة بالصعاب والملبّدة بالغيوم.
قرأ نزار قباني قصيدة(قارئة الفنجان) على مسامع عبد الحليم حافظ الذي لم يتمالك نفسه فانهار باكيا عند مطلع «يا وليد قد مات شهيدا، من مات فداء للمحبوب».
وتدخل عبد الحليم حافظ لدى نزار قباني طالبا منه تغيير سطر شعري كامل من القصيدة كان يقول «فحبيبة قلبك يا ولدي نائمة في قصر مرصود، والقصر كبير يا ولدي وكلاب تحرسه وجنود»... خاف عبد الحليم حافظ من غضب أحد رجال الدولة المصرية بعبارة «وكلاب تحرسه وجنود». تسلم محمد الموجي القصيد... وطفق يعدّ له لحنه على امتداد سنتين كاملين ليظهر للجميع في حلّة لحنية رائقة... رائعة... متقنة، ثرية بالنغمات المعبّرة عن الأحاسيس الصادقة... هو الحبّ الكبير في حياة العندليب.
جلست جلست والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قال يا ولدي لا تحزن
فالحب عليك هو المكتوب
يا ولدي يا ولدي قد مات شهيدا
من مات فداءا للمحبوب
يا ولدي
بصرت ونجمت كثيرا
لكني لم أعرف أبدا فنجانا يشبه فنجانك
بصرت ونجمت كثيرا
لكني لم أعرف أبدا أحزانا تشبه أحزانك
مقدورك أن تمضي أبداً
في بحر الحب بغير قلوع
وتكون حياتك طول العمر طول العمر كتاب دموع
مقدورك أن تبقى مسجوناً بين الماء وبين النار
فبرغم جميع حرائقه
وبرغم جميع سوابقه
برغم الحزن الساكن فينا ليل نهار
وبرغم الريح... وبرغم الجو الماطر والاعصار
الحب سيبقى يا ولدي أحلى الأقدار
يا ولدي
بحياتك يا ولدي امرأة
عيناها سبحان المعبود
فمها مرسوم كالعنقود
ضحكتها أنغام وورود
والشعر الغجري المجنون
يسافر في كل الدنيا
قد تغدو امرأة يا ولدي يهواها القلب
هي الدنيا
لكن سماءك ممطرة
وطريقك مسدود مسدود
فحبيبة قلبك يا ولدي
نائمة في قصر مرصود
من يدخل حجرتها.. من يطلب يدها
من يدنو من سور حديقتها
من حاول فك ضفائرها
يا ولدي مفقود... مفقود
ستفتش عنها ولدي في كل مكان
وستسأل فيروز الشطآن
وتجوب بحارا وبحارا
تفيض دمعك أنهارا
وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجارا
وسترجع يوماً يا ولدي
مهزوماً مكسور الوجدان
وستعرف بعد رحيل العمر
بأنك كنت تطارد خيط دخان
فحبيبة قلبك يا ولدي
ليس لها أرض أو وطن أو عنوان
ما أصعب أن تهوى امرأة يا ولدي
ليس لها عنوان
محسن بن أحمد