عشق الفن منذ نعومة أظافره، وتأثرًا بشقيقته التي كانت تعشق الفن، وكان يحرص دائمًا على الاستماع إلى كبار الفنانين، كما أطلقت عليه الصحافة «الطفل المعجزة»، وانضم إلى فرقة عبد الحليم حافظ وظل مشاركًا له في حفلاته حتى وفاته في 1977، كما عزف في فرقة أم كلثوم وهو لم يتجاوز الستة عشر عاما من عمره، وعزف أيضًا مع محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، وأسس فرقة «توست شو».
إنه عازف البيانو الشهير مجدى الحسينى الذي كرّمه المهرجان الدولى للإعلاميين المصريين عام 2008 بجائزة أحسن موسيقى تصويرية عن المسلسل الإذاعى «أميرة الحب والحرب» عن قصة حياة المطربة الراحلة اسمهان، وكان نجاح المسلسل الإذاعى دافعًا للمسئولين عنه لتحويله إلى مسلسل تليفزيوني، ودخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأسرع عازف بيانو في العالم.
الحسينى تحدث لـ "فيتو" عن عشقه الموسيقى منذ نعومة أظافره، وكيف وصل إلى العزف خلف عمالقة الطرب في مصر والوطن العربى.. وإلى نص الحوار:
> حدثنا عن البدايات ؟
أنا بدأت زمان، وأنا عندى 4 سنين، بدأت العب بيانو في البيت، أختى الكبيرة كانت تجيد العزف على البيانو، وأخواتى عندهن فكرة عن البيانو، لكن أختى الكبيرة كانت أكتر واحدة فيهم تجيد اللعب على البيانو، فعلمتنى المبادئ، وسرعان ماتفوقت عليهم كلهم، وفى سن السادسة أصبحت بروفيشنال، ولعبت في حفلات يحضرها وزراء، وكتبوا عنى في الصحف «الطفل المعجزة»، ثم التحقت بفرقة الأطفال في الإذاعة مع «أبلة فضيلة»، ومع «ماما سميحة» في التليفزيون، مع هانى شاكر والفنانة صفاء أبو السعود، وصافيناز قدرى «بوسى»، وغيرهم، وكلنا كنا أطفالًا.
> حدثنا عن أيام الصغر وحب الموسيقى ؟
من وأنا صغير كنت باقعد على الترابيزة العب بأصابعى، كانوا يستغربون قوى، لدرجة أن جدى جه يسأل أبويا ابنك ده مجنون، بيعمل حاجات غريبة أوى، بيقف على الترابيزة يلعب بصوابعه، وبعدين وأنا عندى نحو 12 سنة أصبحت بروفيشنال، كنت بالعب مع الأوركسترا الجاز الأجنبية، زى فرقة وندر بويز، وبرنج نيوست، وبعد كده انتقلت إلى أشهر فرقة في مصر رئيسها إسماعيل الحكيم نجل الكاتب الكبير توفيق الحكيم.
> مع اختلاف الزمن ووجود العديد من وسائل التواصل مع العالم الخارجى مثل «السوشيال ميديا»، إزاى كنتم بتقدروا تتواصلوا مع الغرب زمان ؟
كان إسماعيل الحكيم الله يرحمه، وفى اتنين أول ناس جابوا الآلات الكهرباء، وأول واحد عبد الحميد خليل، وكان صاحب أكبر مكان فخم في مصر، وأنا صغير كنت بلعب عنده البيانو، جاب أول أورج في الشرق الأوسط كله، وكان حاجة غريبة وقتها.
> حدثنا عن علاقتك بالعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ؟
عبد الحليم أول واحد بدأت معاه مشوارى الموسيقى، وأيضًا الموسيقار والفنان محمد سلطان ابن مدينة الإسكندرية، الذي لعبت معه لأول مرة شرقى على المسرح، أنا والفنان عمر خورشيد كنا بنلعب غربى، ولعبنا مع الفنانة فايزة أحمد لحن محمد سلطان أغنية «خليكوا شاهدين»، وخدنا سوكسيه رهيب، وبعد السوكسيه ده عمر خورشيد راح لعب مع كوكب الشرق أم كلثوم والعندليب.
وعبد الحليم كان بيعمل في سنة 1968 فيلم «أبى فوق الشجرة»، وكان عايز يدخل الأورج في أغنية «مشيت على الأشواك»، فسأل عمر متعرفش أورج، فعمر صاحبى قال لعبد الحليم في واحد صاحبى بس صغير في السن عنده 14 سنة، فرد عليه عبد الحليم قائلًا: «ده هيهبب إيه في الأورج معانا.. مش هيقدر يقول "كبروفيشنال" للأغنية خلية يجيب الأورج بتاعه وإحنا نديله قرشين على الأورج ونخلى حد من الفرقة يلعب على الأورج ده».
وجبت الأورج وعمر محبش يحرجنى مرضيش يقولى أن إحنا عايزين الأورج بس فقال لى إيه رأيك عبد الحليم نفسه يتفرج على الأورج كآلة جديدة ممكن تيجى علشان يشوف الأورج، قلت له آه طبعًا، وأخدت الأورج ورحت على مكان البروفات، فعبد الحليم لما شاف الأورج وسلم عليا قالى تعرف تقول يا حبيبى قلبى اللى مكتوب في النوتة، فبدأت ألعب اللى مكتوب في النوته، فعبد الحليم قالى الواد ده جواه عفريت إزاى 14 سنة، وكملت الأغنية وقالى عقابًا ليك هتعمل كل أغانى الفيلم أورج، وبدأنا، وبعد كده كان العندليب عايز يأخدنى الحفلات فالفرقة رفضت، قالوا إزاى عيل عنده 14 سنة يطلع ورفضوا إنى أطلع معاهم، وقعدت 3 سنين أسجل أغانى للأفلام، دون ظهور، وبعدها بـ 3 سنين، استدعانى الموسيقار رياض السنباطى علشان العب مع أم كلثوم، فعبد الحليم قال للفرقة ده طلع مع أم كلثوم عايزين إيه بقى، لازم يطلع معانا على المسرح، والناس بدأت تشوفنى واتشهرت.
> من الذي أثر في شخصيتك الفنية ؟
كتير.. عبد الحليم، وأم كلثوم اللى آثرت على كل الوطن العربى دى هرم كبير، وعبد الوهاب كموسيقار كبير، وبليغ حمدى، ومحمد الموجى، ومحمد سلطان، وحلمى بكر، ورياض السنباطى أول من أدخل الأورج في أغانى أم كلثوم، وكمال الطويل، ودول كلهم عمالقة أغانيهم تدرس مش بس في مصر في العالم كله.
> كيف يمكن إحياء التراث ؟
نملك تراثا في الأدب وفى الفن، وعندنا ثلث آثار العالم ومش عارفين نستغلها، بره لو في كرسى لقوه كان بيقعد عليه شكسبير بيعملوا له مدينة، وإحنا مش عارفين نستغل آثارنا، لأن في ناس كتير زى العصابات بتحارب أي حاجة حلوة، وفى مرة قابلت الملحن كمال الطويل قال لى عبد الحليم نفسه في أواخر أيامه كان بيتحارب، وبعتولوا ناس علشان يبوظوا حفلته، ومتعرفش مين دول، وللأسف الشديد حاجات مقصودة يمكن أو لا الله أعلم، ولكن إحنا كنا في يوم من الأيام أحسن بلد سياحية في العالم، وواضح إنى في حد ليه مصلحة أن أي حاجة حلوة تطلع يهدمها، حتى في الفن عمومًا مش الموسيقى بس، مثلًا الفنان محمود عبد العزيز عمل رأفت الهجان وكسر بيه الدنيا وعمل منه إجراء، وكان عقابًا ليه أن محدش يتعامل معاه، وقعد فترة طويلة يمكن 10 سنين علشان يعمل مسلسل تانى، والفنان ممدوح عبد العليم ممثل كبير جدًا عمل الضوء الشارد وبعد كده اختفى.
وأنا أخدت أوسكار عام 2008 عن أحسن موسيقى تصويرية عن المسلسل الإذاعى «أميرة الحب والحرب»، وكان عقابى أنه ممنوع يجيلى مسلسل لغاية دلوقتى، وبعد ما كنا أنا وعمر خورشيد لسه مجرد عازفين، أنا عملت يمكن 50 فيلم، وعمر عمل نحو 100 فيلم موسيقى تصويرية، غير أن عمر ممثل، وأنا مش غاوى تمثيل، ومثلت فيلم واحد بس مع الفنانة القديرة زبيدة ثروت كان فيلم «حبيبى مجنون جدًا»، وده الفيلم الوحيد اللى مثلته علشان مش في دمى حكاية التمثيل أوى، وفى مرة قابلنى كمال الطويل يوم حفل تكريمه وقالل لى متتعبش نفسك كلنا متحاربين، أنا علشان كنت بسافر بره مكنتش واخد بالى، ولما مات عبد الحليم سافرت بره علشان نفسى اتسدت.
> كيف تمكنت الوصول بأدائك إلى أسرع عازف في العالم ودخول موسوعة جينيس ؟
أنا نفسى مش عارف إزاى حصل، وأنا بعتبر نفسى اخيب عازف، لكن أنا بحب البيانو وبحب المزيكا والأورج قوى، ومن طفولتى لحد دلوقتى المزيكا بفضل الله اعطتنى حاجات جميلة أوى، وعبد الحليم كان قال كلمة جميلة «المزيكا في دمه»، وأنا أول حفلة العب فيها على الهواء في التليفزيون مع عمر خورشيد في أغنية «مداح القمر» وفى البروفة كنت بلعب بسرعة على البيانو، وعندما جاء بليغ حمدى اتهوس وأمسك بيدى، فسأله عبد الحليم مسكت إيده ليه؟ «قال له عايز أعرف ابن الإيه ده أزاى بالسرعة دى قدر يعمل كده»، فضحك عبد الحليم، وقال له ده صوابعه عامله زى الحمارة اللى عارفه بيتها لوحدها، ولما دخلت موسوعة جينيس كرمونى في كذا بلد.
> حدثنا عن مبادرة فرنسا لتعليم أطفال الشوارع الموسيقى وكيف يمكن تطبيقها في مصر؟
المايسترو سليم سحاب عمل حاجة زى دى جميلة أوى جاب أطفال الشوارع وعمل منهم فرق ونوابغ وطلع منهم حاجة جميلة، وعمل كذا حفلة، والعقل المصرى مشهور في العالم كله وأكبر العلماء في العالم مصريين والعالم كله بينحنى لهم، وأنا وفى لندن ناس قالت لى من شركة «mgm» بعد ما عملت معاهم حفلة في لاس فيغاس الأمريكية، الفرق بين عندنا وعندكم إن إحنا لما بييجى عندنا موهبة حتى لو طفل بنعتبرها زى النبات بنحافظ عليها ونعطيها كل الامكانيات حتى تنمو، إنما أنتم عندكم في الشرق الأوسط كله مش في مصر بس لما بيطلع نبات جميل تدوسوا عليه، وإحنا عندنا فنانين عظماء ماتوا فقراء ومحدش سأل فيهم، وبعد ما ماتوا كرموهم، وأنا لو قالوا لى العب في الشارع مزيكا هلعب وأنا لعبت في الشارع في باريس.
> ما رأيك في الفن الحالى ؟
كل فن ليه جمهوره وأنا كفنان لا يحق لى أن انتقد فنانًا لأن حُكمى مجروح على أي فنان لكن ما أحب أن أقوله إن الأغنية المصرية الأصيلة انتهت وما نشاهده الآن «صفقات تجارية» فالأغنية الأكثر نجاحا لا تستمر وإذا نظرنا على مدى الثلاثين سنة الأخيرة سوف نفاجا بعدم وجود أغنية مستمرة لأننا في الماضى اعتمدنا على النغمة أما الآن فيعتمدون على الطبلة، بينما كان «العندليب» يجلس 30 يوما لإجراء بروفات على أغنية واحدة، وعندما يقدمها في حفلة أخرى يقدم بروفات لمدة أسبوع وكأنها أغنية جديدة.