لكل فنان لقب يشتهر به، فعندما نذكر مثلًا "السندريللا"، يتبادر إلى الأذهان اسم الراحلة سعاد حسنى، وعندما نذكر "وحش الشاشة"، نتذكر الراحل فريد شوقى، وعندما نقول "سيدة الشاشة العربية"، نتذكر الفنانة الراحلة فاتن حمامة، ومن هؤلاء الفنانين، عبد الحليم حافظ، الذي أصبح لقب "العندليب"، ملتصقًا به، يردده معجبوه في كل زمان ومكان.
وكان وراء اشتهار عبد الحليم حافظ بلقب "العندليب" صحفيًا وناقد فني لامعًا في مجاله يدعى جليل البنداري، رأى أن "حليم"، لا يمكن أن يكون سوى عندليب، وفى ذكرى وفاة "حليم"، نتعرف على قصة تلقيبه بالعندليب ومعلومات عن الذي أطلق هذا اللقب عليه.
كان وراء تلقيب عبد الحليم حافظ بالعندليب صحفى يسمى جليل البنداري "21 ديسمبر 1917- 29 نوفمبر 1968"، وقد تميز بأسلوبه اللاذع، وفى عالم الفن، اشتهرت الأسماء والألقاب التي كان يطلقها على الفنانين والأعمال الفنية وظلت محفورة في أذهان الجماهير، فهو الذي أطلق على عبد الحليم حافظ لقب "العندليب الأسمر"، وعلى لقاء أم كلثوم وعبدالوهاب في أغنية أنت عمري "لقاء السحاب".
وكان "البنداري" واحدًا من ألمع الصحفيين وأكثرهم شهرة على مدى ما يقرب من أكثر من نصف قرن، وألف العديد من القصص وكتب السيناريو والحوار لعدد من الأفلام، ومنها قصة "وداد الغازية"، 1983، و"شفيقة القبطية"، عام 1963، و"لوعة الحب"، 1960، و"الآنسة حنفي"، 1954، وغيرها من الأعمال المتميزة.
كان بين "عبد الحليم" و"جليل البنداري"، حكاية طريفة يرويها مجدي العمروسي، صديق عمره، ويقول: لقد علم "عبدالحليم" أن "البنداري"، كان يسب ويلعن كل من يجري معه حوارًا صحفيًا، إضافة لكونه حاد الطبع، ولذلك كان يتجنب أن يقع تحت يديه في حوار صحفي، في نفس الوقت كان "عبدالحليم"، يعرف أن إجراء مثل هذا الحديث سيُضيف إليه الكثير.
ذهب "حليم"، لصديقه محمد حسنين هيكل، وكان وقتها رئيس تحرير مجلة "آخر ساعة"، والتي كانت ستنشر الحديث وشرح له مخاوفه من لسان "البنداري" وشتائمه، وبعد أن استمع إليه "هيكل" قال له: اسمع يا حليم.. بصراحة حديثك مع جليل البنداري مهم جدًا لك وسيعطيك دفعة قوية، وقال عبدالحليم.. أعرف ولكن ماذا عن شتائمه وهجومه، فرد عليه هيكل: بالعكس هو اللي بيشتكي منك وبيقول إنك بترفض إجراء الحديث معاه.
وفكر "هيكل"، قليلًا ثم رفع سماعة التليفون متحدثًا مع جليل البنداري قائلًا: يا أخ جليل أنا عندي عبدالحليم حافظ وهو مرحب جدًا بالحديث وسعيد جدًا بيه، ليرد عليه "جليل": ابعتهولي، فقال هيكل: يا ريت يا أستاذ جليل تيجي تعمل معاه الحديث في مكتبي لأني عايز استمتع معاكم بالحوار.
فهم "جليل" الهدف من مكالمة "هيكل"، وجلس وأمامه "عبدالحليم"، وبدأ في طرح أسئلته، وكان أول سؤال مكتوب بحيث يراه عبدالحليم، ولا يراه "هيكل"، "انت جايبني قدام هيكل عشان ما اشتمكش يا بن الـ "........."؟ لكن "عبدالحليم" بذكائه كان يتظاهر بعدم رؤيته للشتيمة المكتوبة، وأخذ يجيب.
وظل جليل البنداري على هذا الحال يكتب في نهاية كل سؤال شتيمة قاسية – يابن كذا وكذا.. لكن "عبدالحليم"، ظل هادئًا، ولم تفارقه الابتسامة خلال الحوار، وكانت النتيجة أن قام "جليل" في نهاية الحديث يعانق "عبدالحليم" معجبًا بذكائه وردوده الواثقة، وبعدها أصبح الكاتب، والناقد جليل البنداري، واحدًا من عشاق "عبدالحليم"، والأصدقاء المقربين، وقام بنشر كتاب عنه بعنوان "جسر التنهد