فن عبد الحليم مر بعدة مراحل عوامل إعلامية
1. تعدد وسائل الظهور
· خلال ربع قرن مر فن عبد الحليم بعدة مراحل مميزة استخدم فيها وسائل مختلفة للوصول
إلى الجمهور: الحفلات ، الإذاعة ، السينما ، الاسطوانات ، التليفزيون ، ساعدت جميعها فى تكوين
صورة نجم الغناء وتوصيلها إلى أكبر جمهور ممكن
· لكن فى عام 1960 حدث تطور مختلف فى هذا السياق الإعلامى ، هو أهمها على الإطلاق ،
تم تصوير أغنية لعبد الحليم فيما يبدو كأول "كليب" سينمائى تم إنتاجه وتوزيعه وإذاعته بمعرفة
جهاز رسمى هو مصلحة الاستعلامات المصرية التى كانت تصدر النشرات السينمائية الإخبارية
لإذاعتها قبل عروض أفلام السينما فى دور العرض .. ورغم أن عبد الحليم كان قد اشتهر من خلال
السينما و أكثر من 10 أفلام إلا أن هذه كانت نقلة إعلامية كبرى أوصلت غناء عبد الحليم إلى
الجمهور العريض الذى لم يكن يحضر الحفلات ولا يذهب إلى السينما ولا يشترى الاسطوانات
وأقصى ما يستطيعه هو الاستماع إلى الراديو .. تم عرض هذا الكليب فى جميع أنحاء مصر فى
الشوارع والميادين فى المدن الصغيرة والكبيرة
· ميز هذا الكليب مضمون الأغنية المصورة "حكاية شعب" من كلمات أحمد شفيق كامل التى
كانت تقول على لسان الشعب كله "قلنا ح نبنى وآدى احنا بنينا السد العالى" ..
كلمات التحدى والزهو هذه خلقت موجة تعبوية قوية وسط جموع شعبية هائلة ،
ممزوجة بكلمات تتحدث عن الانتصار السياسى عقب العدوان الثلاثى على مصر من
جانب بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وعن بطل الثورة جمال عبد الناصر بالإسم ..
· شيء آخر ميز هذا الفيلم القصير هو تغير أداء عبد الحليم نفسه ..
ظهر عبد الحليم كثائر يخطب فى الشعب وليس كمطرب رومانسي فى مفارقة كبيرة لشخصيته
المعتادة فى السينما لكن المضمون التعبوى وأسلوب التلحين وطريقة العرض جعلته
عملا مميزا نال به عبد الحليم شعبية فائقة وأضاف إلى رصيده القومى
2. استثمار الجو السياسى
· لم تكن هذه أول مرة يغنى فيها عبد الحليم للثورة وقائدها فقد بدا ذلك بنشيد "العهد الجديد"
عام 1952 فى إشارة مبكرة إلى تأييد الثورة ، من ألحان عبد الحميد توفيق زكي وكلمات
محمود عبد الحي ، وكافأته القيادة عندما أشركته فى فى احتفال رسمى بيوم إعلان الجمهورية
في يونيو عام 1953 ليعيد تقديم أغنية صافينى مرة التى فشلت فى حفل سابق فى الإسكندرية
ولأن غالبية الحضور كانوا من العسكريين وتم تقديم المطرب الجديد على المسرح بأنه
"مطرب الثورة" فقد نال تشجيعهم بسهولة، ثم أغنية "إحنا الشعب" عام بمناسبة انتخاب
أول رئيس للجمهورية بعد الثورة عام 1956 وغيرها
· استمر عبد الحليم فى تقديم أغنيات من النوع الوطنى السياسى ذات العلاقة القوية بالتوجهات
السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى تبنتها ثورة يوليو ، منذ بدأ الغناء للثورة بأغنية
"إحنا الشعب" عام 1956 بمناسبة انتخاب أول رئيس جمهورية بعد ثورة يوليو وأغنية
"حبيب الملايين" ، واشترك فى عدة استعراضات تليفزيونية فى أوائل الستينات مع مجموعة
من المطربين المميزين من تلحين أفضل ملحنى مصر محمد عبد الوهاب تم إنتاجها بمعرفة
التليفزيون الرسمى وجندت لهل أفضل الإمكانيات من استوديوهات وتصوير وإخراج وأوركسترا
ومجموعات الكورال ، من أمثلة تلك الاستعراضات نشيد وطنى الأكبر ، نشيد الجيل الصاعد ،
نشيد صوت الجماهير ، وهى استعراضات لا تزال تذاع للآن
· ثم بدأ تقليدأ جديدأ خلال الستينات يقدمه الثلاثى عبد الحليم – صلاح جاهين – كمال الطويل
بتقديم أغنية جديدة كل عام فى احتفالات الثورة المصرية وتتولى الإذاعة المصرية إذاعتها طوال العام،
ونجحت تلك الأغاني فى تعبئة الجماهير خلف قيادة الثورة بفضل كلمات صلاح جاهين الحالمة
بمجتمع مثالى، وألحان كمال الطويل الذى استطاع كسب الأسماع بألحان فيها كثير من التيمات
الشعبية وغناء المجموعات، وأداء عبد الحليم الذى نجح فى إقناع الجماهير بأنه يغنى لهم ومن أجلهم
وبأنه واحد منهم يتواجد بينهم ولا يختبئ خلف جدران الاستديوهات أو ينكفئ داخل أقراص الاسطوانات
· كان للبعد العربى فى سياسة القومية العربية التى تبنتها ثورة يوليو أثر كبير فى امتداد شعبية
عبد الحليم إلى خارج حدود مصر ، فقد كانت هناك قوى ثورية أخرى فى أقطار عربية فى المشرق
والمغرب ترى فى الثورة المصرية ليس فقط نموذجا بل قيادة للحركة القومية وما تبعها من مقاومة
الاستعمار وتحقيق الاستقلال الوطنى ،
ولا شك أن هذا كان من ضمن القنوات التى سار فيها فن عبد الحليم ...