«وجه أسمهان الكنعانيّ وصوتها الذّهبيّ» – بقلم محمّد الشّركيّ
«في اللاّزَمَن "الفَنّيّ" الّذي نَحْنُ شُهودُه الآن (...) تظلُّ أسمهان، بصَوْتها المُلْتاع الطّالع من الأحْشاء القصيَّة للْجَوى والهَوى، دَوْحَةً باسقَةً ضاربَةً بجذورها المُزْدَوجة في مطْهر الرّوح وفرْدَوْسها معاً»..
******
ففي مثل يومه 14 يوليو.. من عام 1944.. كان الحدَث الّذي شغل النّاس.. ولا يزال.. مصرع «الصّوت الملائكيّ».. الأميرة السّاحرة أسمهان.. في حادث مأساويّ غامض!..
وبهذه المناسبة.. رفقته المقطع الخامس من «مقاطع الدّفتر اللّيليّ».. للأديب المغربيّ محمّد الشّركيّ.. وهو عن «مجلّة اتّحاد كتّاب الإنترنت بالمغرب».. أمّا الصّورة فمن اختياري.. لتأثيث المقال!..
«يبدو القَدَرُ الشَّخْصيّ للفنّانة أسمهان كما لَوْ كان مُسْتَقْطَعاً منْ صَفحات "الأوديسا". كأنَّها حوريّةٌ ألْقَتْ بها إحْدى عواصف بوسايدون - إله البَحْر القديم - إلى يابسة الصَّخب والعُنْف، قبْلَ أنْ يسْتَردَّها إليْه في النّهاية. لأنَّها عبَرَتْ من الماء إلى الماء. فقَدْ وُلدَتْ على ظهر سفينة في عَرْض المُتوسّط، بحر هوميروس العالي، ولَقيَتْ مَصْرَعَها في "ترْعة" مائيّة ابتلعَتْ سيّارتَها في الرّيف المصريّ. وبيْنَ هذيْن الحَدَّيْن المائيّيْن، كان على وَجْهها الكنعانيّ وصَوْتها الذَّهبيّ أنْ يَجتازا، خلال عُمُر قصير كأعمار الشُّهب، اختبارات مَرْحلَة مَفْصليَّة تَقاطَعَ فيها المَسارُ الوُجوديُّ والفَنّيُّ لهذه الشُّعْلة السّامقة مَعَ مسارات مُلْتَبسَة، عاطفيّة و"استخباراتيّة" ألْقتْ بظلالها لاحقاً على "حادث" غَرَقها. وفي اللاّزَمَن "الفَنّيّ" الّذي نَحْنُ شُهودُه الآن، حيْثُ يتكالَبُ ويَتَصايَحُ أشْباهُ الفنّانين وأَشْباهُ الفنّانات، هُنا وهُناك، على وقْع انحطاط الذَّوْق العام وانبطاح جزء كبير من الإعلام أمام الأعتاب المُدَنَّسة للمُسْتَشْهرين والوُكلاء "الفنّيّين" ومُتَعَهّدي الحفلات، تظلُّ أسمهان، بصَوْتها المُلْتاع الطّالع من الأحْشاء القصيَّة للْجَوى والهَوى، دَوْحَةً باسقَةً ضاربَةً بجذورها المُزْدَوجة في مطْهر الرّوح وفرْدَوْسها معاً... دَوْحة مُزْمنة تُوَبّخُ بيْداءنا الرّاهنة الّتي تَصْأى فيها الثّعالبُ العابرةُ حَوْلَ فرائسها العابرة، لأنَّ الأعماقَ وَحْدَها تبْقى...»..
http://www.ueimag.co.vu/2016/04/blog-post_288.html
رابط مباشر:
http://www.m5zn.com/newuploads/2017/07/14/jpg//a7065b3626d5eb7.jpg