عبد الحليم حافظ يمتعنا في ذكرى ميلاده

راديو ماعت
21 يونيو 2011 - القاهرة
كتب محمد شنح

العندليب الأسمر وعصفور الشتاء وصوت الثورة ألقاب لن يعرفها سوى شخص واحد أجتمع عليه الكثير واختلف معه الكثير واحتار معه الكثير أيضا

تلك الشخصية هي عبد الحليم حافظ الذي امتلأت سجلات حياته بالأحداث الكثيرة بين المولد الفني والنجومية والحب والرومانسية و الوطنية ولعنة المرض القاسية .
فقلما تجد كل هذه الأحداث في حياة شخص واحد حليم القوى حليم الوطني حليم العاشق والمعشوق حليم الذي يريدك أن تحبه ويجعلك تتعاطف معه ويجبرك أن تعجب بصوته وتتساءل حول أسراره وذكائه .
فكيف تكتب عن شخصية بكل هذه الصفات وتسرد عنه الأحداث و الإبداعات فيالا خوف القلم من ذلك العملاق الذي أحببناه وفى ذكراه أردنا أن نكتب عنه ولو بعض اللمحات

مولده ونشأته
ولد في 21 يونيو 1929 في قرية الحلوات بمصر. وتوفيت والدته بعد ولادته بأسبوع واحد. نشأ عبد الحليم يتيما من يوم ولادته. وقبل أن يتم عبد الحليم عامه الأول توفي والده ليعيش بعدها في ميتم ثم في بيت خاله الحاج متولي عماشة. كان يلعب مع أولاد عمه في ترعة القرية، ومنها انتقل إليه مرض البلهارسيا الذي دمر حياته، ولقد قال مرة أنا ابن القدر، وقد أجرى خلال حياته واحد وستين عملية ، وهو الابن الرابع وأكبر إخوته هو إسماعيل شبانه الذي كان مطرباً ومدرساً للموسيقى في وزارة التربية، التحق بعدما نضج قليلا في كتاب الشيخ أحمد؛ ومنذ دخول العندليب الأسمر للمدرسة جلى حبه العظيم للموسيقى حتى أصبح رئيسا لفرقة الأناشيد في مدرسته. ومن حينها وهو يحاول الدخول لمجال الغناء لشدة ولعه به.

مشواره الفني
التحق بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام1943 حين التقى بالفنان كمال الطويل حيث كان عبد الحليم طالبا في قسم تلحين، وكمال في قسم الغناء والأصوات، وقد درسا معا في المعهد حتى تخرجهما عام 1948 ورشح للسفر في بعثة حكومية إلى الخارج لكنه ألغى سفره وعمل 4 سنوات مدرساً للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وأخيرا بالقاهرة، ثم قدم استقالته من التدريس والتحق بعدها بفرقه الإذاعة الموسيقية عازفا على آله الأبواه عام 1950.
تقابل مع صديق ورفيق العمر الأستاذ مجدي العمروسي في 1951في بيت مدير الإذاعة في ذلك الوقت الإذاعي فهمي عمر.
اكتشف العندليب الأسمر عبد الحليم شبانه الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب الذي سمح له باستخدام اسمه "حافظ" بدلا من شبانة.
نجح عبد الحليم في الإذاعة بعد أن قدم قصيدة "لقاء" كلمات صلاح عبد الصبور، ولحن كمال الطويل عام 1951،ي حين ترى مصادر أخرى أن إجازته كانت في عام 1952 بعد أن قدم أغنية "يا حلو يا اسمر" كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي، وعموماً فإن هناك اتفاقاً أنه غنى (صافيني مرة) كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي في أغسطس عام 1952 ورفضتها الجماهير من أول وهلة حيث لم يكن الناس على استعداد لتلقى هذا النوع من الغناء الجديد.
ولكنه أعاد غناء "صافيني مرة" في يونيو عام 1953، يوم إعلان الجمهورية، وحققت نجاحاً كبيراً، ثم قدم أغنية "على قد الشوق" كلمات محمد علي أحمد، وألحان كمال الطويل في يوليو عام 1954، وحققت نجاحاً ساحقاً، ثم أعاد تقديمها في فيلم "لحن الوفاء" عام 1955، ومع تعاظم نجاحه لُقب بالعندليب الأسمر
تمتد هذه الفترة من إجازته في الإذاعة عام 1951 بعد تقديمه قصيدة "لقاء"من كلمات صلاح عبد الصبور وألحان كمال الطويل، حتى بدء تصويره أول أفلامه "لحن الوفاء"1955
ولم تكن أعراض مرض البلهارسيا قد تفاقمت لديه

ولذلك نلاحظ في هذه الفترة أن عدد كبيراً من الأغاني تحوي نبرة من التفاؤل مثل: "ذلك عيد الندى"، "أقبل الصباح"، "مركب الأحلام"، "في سكون الليل"، "فرحتنا يا هنانا"، "العيون بتناجيك"، "غني..غني"، "الليل أنوار وسمر"، "نسيم الفجرية"، "ريح دمعك"،"اصحي وقوم"، "الدنيا كلها".
كما تتحدث بعض هذه الأغاني عن الطبيعة الجميلة، مثل: "الأصيل الذهبي"، "هل الربيع"، "الأصيل". كما تتناول بعض الأغاني العاطفية ذكر الطبيعة الجميلة في إطار عشق الإنسان لكل ما هو جميل مثل "ربما"، "في سكون الليل"، "القرنفل"، "صحبة الورد"، "ربيع شاعر"، "الجدول"، "أنت ِإلهام جديد"، " "هنا روض غرامنا"، "فات الربيع"". ".
لكن مع تفاقم مرض البلهارسيا لديه بدءاً من عام 1956، نلاحظ أن نبرة التفاؤل بدأت تختفي من أغانيه تدريجياً، وتحل محلها نبرة الحزن في أغانيه.
تعاون مع الملحن العبقري محمد الموجي وكمال الطويل ثم بليغ حمدي، كما أنه له أغاني شهيرة من ألحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب مثل: (أهواك، نبتدي منين الحكاية، فاتت جنبنا)، ثم أكمل الثنائي (حليم - بليغ) بالاشتراك مع الشاعر المصري المعروف محمد حمزة أفضل الأغاني العربية من أبرزها
زى الهوا، سواح، حاول تفتكرني، أي دمعة حزن لا، موعود وغيرها من الأغاني وقد غنى للشاعر الكبير نزار قباني أغنية قارئة الفنجان ورسالة من تحت الماء والتي لحنها الموسيقار محمد الموجي.
كان عبد الحليم يحلم بتقديم قصة «لا» للكاتب الكبير مصطفى أمين على شاشة السينما ورشح نجلاء فتحي لبطولتها ولكن القدر لم يمهلهل قدم 3 برامج غنائية هي: «فتاة النيل» للشاعر أحمد مخيمر وألحان محمد الموجي وإخراج كامل يوسف و «معروف الاسكافي» للشاعر إبراهيم رجب وألحان عبد الحليم علي وإخراج عثمان أباظة،
«وفاء» للشاعر مصطفى عبد الرحمن وألحان حسين جنيد وإخراج إسماعيل عبد المجيد كما قدم للسينما العديد من الأفلام الغنائية كمعبودة الجماهير ولحن الوفاء وأبى فوق الشجرة والخطايا والوسادة الخالية وغيرها من الأعمال الفنية الرائعة مع كبار نجوم ونجمات السينما في تلك الفترة أمثال فاتن حمامة وماجدة ومريم فخر الدين وعمر الشريف وأحمد رمزي وعماد حمدي ومحمود المليجى وغيرهم.
ليبلغ حصيلة إنتاجه الفني 16 فيلما و300 أغنية.
شباب ثورة 25 يناير مازال يبحث عن أغاني عبد الحليم الوطنية
منذ أن بدأت ثورة 25 يناير ثورة الشباب وثورة الشهداء حاول الشباب أن يبحث عن أغاني تلهب حماسه وتشعل عزيمته فلم يجد في الأغاني الوطنية الجديدة والتي كثرت في هذه الأيام مأربه رغم جودة القلة القليلة منها لكن افتقد معظمها الإحساس الوطني الناضج ذلك الإحساس الذي وجدناه في أغاني المطربين والمطربات العظام أمثال أم كلثوم و شادية و عبد الوهاب وغيرهم من كبار نجوم الغناء.لكن عبد الحليم حافظ كان حالة غنائية وطنية ثورية فريدة من نوعها لم ولن تتكرر فهو مطرب ثورة 23 يوليو الذي تمنى شباب 25 يناير أن يكون مطرب ثورتهم الشبابية الحرة وهو المجاهد المسلح أمام ميكرفون الإذاعة الذي أقسم بسماء مصر وترابها وبمبانيها ومدافعها في حرب أكتوبر 73 مع كتيبة المجاهدين من الشعراء أمثال صلاح جاهين وعبد الرحمن الابنودي ومرسي جميل عزيز والملحنين أمثال الموجي وكمال الطويل تلك الفرقة المسلحة بالوطنية والفن و الإبداع و الإحساس في حب مصر.
فكان بذلك عبد الحليم حافظ مصري بأغانيه وطني بأحاسيسه مسلح بالحب مؤمن بقضيته مبدع بصوته فاستطاع بكل هذا أن يكون مطرب وطني لا مثيل له وسنرصد في تقريرنا أغاني عبد الحليم الوطنية لعل يسمعها كل من يقول على نفسه أنه يقدم أغاني وطنية فيعرف الغناء الوطني على حق من العندليب الأسمر.
ونرصد من هذه الإبداعات
ثورتنا المصرية
.

في لقائه الأول مع صلاح جاهين و كمال الطويل و في 24 يوليو 1956 م
كانت أول أغنية يغنيها حليم للرئيس جمال عبد الناصر بعد اختياره شعبياً لأن يكون رئيساً للجمهورية.
وحين وقع العدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر 1956 م كان عبد الحليم في لندن في رحلته الأولى للعلاج من مرضه و عندما أراد الرجوع إلى بلده .. كانت كل الطرق المؤدية إلى مصر مغلقة فبقى في العاصمة اللبنانية بيروت .. يتحين أول فرصة للعودة إلى الوطن
و حين عاد كان يتلهف إلى الإشادة بانتصار مصر و دحر العدوان فغنى في يومين متتاليين

الله يا بلادنا كلمات :
أنور عيد الله ... ألحان : محمد عبد الوهاب
كما غنى الفنارة 18 يونيو 1956 م بمناسبة عيد الجلاء
كلمات : عبد الرحمن الأبنودى ... تلحين : عيد العظيم محمد
تحت راية بورسعيد في احتفال عيد النصر يوم 23 ديسمبر 1957 م
تأليف : عبد الفتاح مصطفى ... تلحين : محمد الموجى
ونلاحظ تأريخ عبد الحليم حافظ للأحداث الوطنية من خلال أغانيه فنجد أن كل حدث وطني يحدث كان عبد الحليم يدونه بصوته
.
نشيد الوطن الأكبر
غناه لأول مرة في حفل أضواء المدينة بأسوان – 9 يناير 1960
يوم الاحتفال بوضع حجر الأساس في بناء السد العالي مع نخبة من المطربين
كلمات : أحمد شفيق كامل ... تلحين : محمد عبد الوهاب
أحلف بسماها وعد حليم أن يغنيها في كل حفلاته إلى أن تتحرر أرض مصر في سينا
خلى السلاح صاحي
كلمات : أحمد شفيق كامل ... تلحين : كمال الطويل
وغيرها و غيرها من الأغنيات الوطنية التي أنشدها فتحية لعبد الحليم حافظ الصوت الوطني القوى الشجاع الذي دون تاريخ وذكريات مصر وكفاحها من أجل الحرية والاستقلال .

وفى ذكرى ميلاد الراحل بجسده الباقي بصوته وقلبه وكيانه في أرواحنا ونفوسنا
علينا أن نخلص لعبد الحليم حافظ الذي أخلص في حبه لوطنه بأغانيه وإبداعاته التي لم ولن تتكرر.

طبعا حليم ابن الثورة وهو موجود معانا حتى الان نغنى اغانيه الوطنية الله يرحمه يارب شكرا على مروك الروعة اخى علاء تحياتى ليك يا اعز الناس