حياة عبد الحليم حافظ الشخصية
أثر عبد الحليم حافظ في كل من الأجيال المعاصرة له والأجيال التي لم تعاصره أيضاً، فلن نجد شخصاً لم يتأثر بأغنية من أغاني العندليب عبد الحليم حافظ ولم تلمس له قلبه، ولم تكن قرية الحلوات -إحدى قرى مركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية- على علم بأنها سوف تكون محط أنظار العالم كله من خلال أحد أبنائها فقد كان عبد الحليم شبانة والذي ولد في الحادي والعشرين من شهر يونيو لعام 1929م، هو نفسه تاريخ ولادة لهذه القرية على الخريطة العربية والعالمية وبقي هذا الفنان عبد الحليم حافظ يلمع في سماء الفن على الرغم من وفاته في شهر مارس من عام 1977م، وكما ترك هذا الفنان أثراً في حياة العشاق، فقد تركت أغانيه الوطنية آثاراً نفسية ألهبت الثوار منذ عام 1952 وحتى اليوم، فقد كان لها الأثر البالغ في جعل حماس القومية العربية يدب في قلوب الشعوب العربية.
مثل أي طفل في القرى بدأ حليم يلهو ويلعب مع أبناء القرية من سنه ولم يكن يعلم أن هذا اللهو قد يودي به إلى حياة مريرة مليئة بالمرض والآلام, فقد كان لعبه مع أبناء قريته وهو صغير في ترعتها هو بداية لإصابته بمرض البلهارسيا.
لقد تعلم عبد الحليم حافظ في كتاب القرية ومن ثم التحق بالمدرسة لكي يصبح قائداً لفريق الأناشيد بها, وقد أثر ذلك به فقط أصبح مولعاً بالغناء، وبعد ذلك بفترة قليلة حين انتهى من دراسته بالمدرسة انتقل عبد الحليم حافظ لكي يعيش مع أخوه إسماعيل شبانة في القاهرة من أجل أن يلتحق بمعهد الموسيقى وقد تزامل عبد الحليم حافظ مع كمال الطويل, والغريب أن تلعب مفارقات القدر دورها فبالرغم من حب عبد الحليم حافظ للغناء فقد كان يدرس بقسم التلحين, وعلى العكس من ذلك فقد كان يدرس الفنان والملحن كمال الطويل بقسم الغناء ليتخرجا معاً في عام 1948م، وبعد التخرج رفض عبد الحليم حافظ البعثة العلمية التي وجهت له, من أجل أن يعمل مدرساً للموسيقى في عدة محافظات لمدة أربع سنوات، حتى تأتي اللحظة الفارقة في تاريخه سواء الفني أو الشخصي بالإضافة إلى تاريخ الفن العربي، فقد التحق عبد الحليم حافظ باختبارات الإذاعة المصرية وبعدها قدم استقالته من التدريس بعد أن نجح في التحاقه بالإذاعة كعازف في فريقها لآلة (الأبوا)، وتقابل عبد الحليم حافظ مع صديق عمره العمروسي، وحينما استمع له الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب اعتبره فناناً من طراز مميز ليدمج بين إسميهما من (عبد الحليم على شبانة) ليصبح عبد الحليم حافظ وهذا هو الإسم الفني الذي إنطلق به حليم في مشواره الفني، الذي قابلته فيه الجماهير بالرفض القاطع حينما غنى أغنية صافيني مرة في إحدى حفلاته إلا أنه لم يستسلم ليعيد تقديمها مع إعلان (جمهورية مصر العربية) عام 1953م، ليرتبط إسمه بالثورة ومرة أخرى يقدمها عبد الحليم حافظ لجماهيره في أول عمل سينمائي له وهو فيلم لحن الوفاء فحفظتها الجماهير عن ظهر قلب وكان عبد الحليم قد انتقل بالغناء من عالم الموشحات والتراتيل إلى عالم جديد.
نجد أن لكل عبقري معاناة ولعبد الحليم حافظ معاناة إستمرت مع المرض حتى وافته المنية بمستشفى لندن عام 1977م، وفي فترة حياته تدخل مشرط الجراح بجسده حوالي واحد وستون مرة ليصبح الوقت الذي قضاه بين المستشفيات ضعف ما قضاه على خشبة المسرح الفني في حفلاته. قدم في خلال فترة عمره مايقرب من 230 أغنية بين الدينية، والوطنية، والعاطفية، وحوالى 16 فيلماً ومسلسل إذاعي واحد، ولم يقدم عبد الحليم حافظ أي عمل مسرحي خلال رحلة حياته الفنية.
مشوار عبد الحليم حافظ الفني
بدأ ضوء موهبة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في البزوغ من خلال إلتحاقه بفريق الأناشيد بمدرسته ليصبح قائداً للفريق ويبدأ من هنا تصميمه على الدراسة الفنية، ليلتحق عام 1943م بمعهد الموسيقي ويدرس التلحين فيه، ثم يعمل مدرساً للموسيقى في طنطا والزقازيق والقاهرة، ثم ينهي عمله بالتدريس بعد أن التحق بفرقة الإذاعة كعازف عام 1950م، وليصبح عام 1951م هو عام البزوغ الفني لعبد الحليم حافظ لينطلق في عام 1953م في عالم الفن والإبداع، تعامل عبد الحليم حافظ مع ملحنين من سنه ليبزغوا سوياً في عالم الفن ويظهروا كعمالقة جميعاً كما كان له دوراً مع عمالقة المؤلفين، ومن هؤلاء الملحنين زميل الدراسة كمال الطويل ومحمد الموجي وبليغ حمدي كما كان للمؤلفين الشباب دوراً بارزاً معه ومنهم حسين السيد والأبنودي ومحمد حمزة، بدأ حياته السينمائية مع الفنانة شادية في فيلم لحن الوفاء عام 1955م لينهيها بفيلم أبي فوق الشجرة عام 1969م، كما قدم عبد الحليم حافظ أغاني ألهبت حماس الشعوب العربية والمصريين، كما ساهمت في توحيد صفوفهم فكانت أغنية إحنا الشعب، وكانت هذه أول أغنية لعبد الناصر يتغني بها عبد الحليم حافظ وتوالت بعد ذلك أغانيه الوطنية لتكون أشهرها أغنية صورة من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل لتصور إنجازات الثورة في صورة تجمع جميع فئات وطوائف الشعب في صورة لمصر، كما قدم هو وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب أغنيتين وطنيتين أشهرهما أوبريت وطني الأكبر، وغنى أغنيته الرائعة عاش إللي قال وجهت هذه الأغنية للرئيس محمد أنور السادات إشادة بقرار العبور من كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدي لتكون آخر أغانيه الوطنية أغنية تعبر عن سيناء وهي أغنية النجمة مالت على القمر من كلمات محسن خياط وألحان محمد الموجي. كان عبد الحليم حافظ يحلم بتقديم قصة (لا) للراحل مصطفى أمين ولكن وافته المنية قبل تقديمها للسينما، ونلاحظ أن افلام عبد الحليم حافظ هي نماذج من حياته الواقعية وله في كل فيلم إجتزاء من واقعه مثل فيلم شارع الحب عمله في فرقة موسيقية للأفراح وعمله كمدرس للموسيقى، وفيلم الخطايا حينما تلقى الصفعة الشهيرة من الفنان عماد حمدي وجملة (أنت مش ابني) نقل في تعبيراته إحساس اليتيم الذي كان بداخله. لم يتزوج عبد الحليم حافظ طبقاً للمعلومات الموثقة إلا أن المبدع مفيد فوزي قد أقر بزواجه سراً من السندريلا سعاد حسني سراً.
وكانت جميع الإبتهالات الدينية التي قدمها عبد الحليم حافظ من كلمات عبد الفتاح مصطفى ومن ألحان محمد الموجي وأشهرها يا خالق الزهرة وأنا من تراب، كما غنى عبد الحليم حافظ لنزار قباني رائعته قارئة الفنجان من ألحان محمد الموجي، وأذيع لعبد الحليم حافظ بعد وفاته أغنية حبيبتي من تكون للشاعر الأمير خالد بن سعود ومن ألحان بليغ حمدي قدم عملين شهيرين اجتمعت فيه الثنائية الغنائية مع الفنانة شادية في أفلام دليلة ومعبودة الجماهير.
توفي العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ بمرض تليف الكبد نتيجة إصابته بمرض البلهارسيا في الصغر ليتوفي في لندن ليكون مشواره الفني المعلن منذ عام 1951م وحتى عام 1977م بين الغناء والتمثيل ولتكون الشركة الراعية له هي شركة (عالم الفن).
السينما
قدم العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ للسينما المصرية حوالي 16 فيلماً سينمائياً منها لحن الوفاء عام 1955م مع شادية، وأيامنا الحلوة عام 1955م مع فاتن حمامة، وليلي الحب عام 1955م مع أمال فريد، وأيام وليالي عام 1955م مع إيمان، وموعد غرامي عام 1956م مع فاتن حمامة، ودليلة عام 1956م مع شادية، وبنات اليوم عام 1957م مع ماجدة، والوسادة الخالية عام 1957 مع لبنى عبد العزيز، وفتى أحلامي عام 1957م مع منى بدر، وشارع الحب عام 1958م مع صباح، وحكاية حب عام 1959م مع مريم فخر الدين، والبنات والصيف عام 1960م مع سعاد حسني، ويوم من عمري عام 1961م مع زبيدة ثروت، والخطايا عام 1962م مع نادية لطفي، ومعبودة الجماهير عام 1967م مع شادية، وأبي فوق الشجرة عام 1969م مع نادية لطفي، ونلاحظ أن كل نجمات السينما في ذلك الوقت قد شاركوا العندليب الأسمر بطولة أفلامه السينمائية الخالدة.
الإذاعة
قدم العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ مسلسل إذاعي واحد شاركه البطولة فيه النجم عادل إمام والفنانة نجلاء فتحي وهو مسلسل أرجوك لا تفهمني بسرعة عام 1973م.