رأى الشيخ الشعراوى فى الإحتفاء بالمولد النبوى الشريف
أخوتى فى الله كلما هلت علينا الذكرى العطرة بمولد أشرف خلق الله
سيدنا ونبينا ورسولنا وحبيبنا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم
يكثر الكلام وتكثر الأراء حول مدى صحة الإحتفال بمولده الشريف من عدمه ولهذا رأيت
أن أأتيكم برأى واحد من علمائنا الأفاضل وبيان رأيه فى هذا الأمر وهو العالم الإمام
الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
يقول الإمام متولي الشعراوي في كتابه "مائدة الفكر الإسلامي" ص 295،
إذا كان بنو البشر فرحون بمجيئه لهذا العالم، وكذلك المخلوقات الجامدة فرحة
لمولده وكل النباتات فرحة لمولده وكل الحيوانات فرحة لمولده وكل الجن فرحة لمولده،
فلماذا تمنعونا من الفرح بمولده.
الأدلة على أن الاحتفال بالمولد النبوي جائز
أثر الاحتفال بالمولد على الكفار
إن الابتهاج والاحتفال بيوم مولد النبي r يعود بفائدة، بفضل الله ورحمته،
حتى على الكافرين. وقد جاء في صحيح البخاري الذي ذكر في حديثه بأنه
في كل يوم اثنين يطلق سراح أبي لهب من عذاب القبر لأنه أعتنق جاريته
ثويبة عندما بشرته بخبر مولد النبي
قال ابن كثير وهو من أئمة السلف في كتاب "البداية والنهاية" إن أول من أرضعته ص
هي ثويبة مولاة أبي لهب وكان قد أعتقها حين بشرته بولادة النبي r. ولهذا لما
رآه أخوه العباس بعد موته في المنام بعدما رآه بشر خيبة، سأله: ما لقيت؟ قال
: لم ألق بعدكم خيراً غير أني سقيت في هذه بعتاقتي لثويبة
(وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع).
تبيان النبي على أن ولادته جاءت يوم الاثنين
وقد روي في صحيح مسلم في «كتاب الصيام» عن أبي قتادة الأنصاري
رضي الله عنه أنه قال: سئل رسول اللهr عن صوم يوم الاثنين، فقال:
هذا يوم ولدت فيه وأنزل عليّ فيه - رواه مسلم.
ونورد أيضاً من أقوال الشيخ متولي الشعراوي: إن أشياء عجيبة حدثت يوم مولده
كما ورد في الحديث والتاريخ، ولم تكن ليلة مولده كأية ليلة من ولادات بني البشر.
وقد وردت هذه الأحداث والأحاديث العائدة لها كاهتزاز عرش كسرى، وانطفاء النار
بفارس بعد أن دامت ألف عام، وغيرها في كتاب ابن كثير «البداية والنهاية»
الجزء الثاني ص 265-268.
ونورد لكم من كتاب ابن الحاج «كتاب المدخل» الجزء الأول ص 261: «يجب علينا
في كل يوم اثنين من ربيع الأول أن نكثر من العبادات لنحمد الله على ما أتانا من
فضله بأن بعث فينا نبيه الحبيب r ليهدينا للإسلام والسلام… فالنبي r عندما
سئل عن صوم يوم الاثنين أجاب: هذا يوم ولدت فيه. لذا، فهذا اليوم يشرف
ذاك الشهر لأنه يوم النبي r ... وقد قال: أنا سيد ولد آدم ولا فخر.وقال: آدم
ومن جاء بعده تحت لوائي يوم القيامة. رواها الشيخان بخاري ومسلم.
وقد أورد في صحيحه أن النبي ص قال: ولدت يوم ذاك الاثنين وفي مثله نزل
عليّ أول الوحي. وقد أعطى النبي r اهتماماً ليوم مولده وحمد الله على نعمة
خلقه بأن صام في هذا اليوم كما هو وارد في حديث أبي قتادة. ونفيد من ذلك
أن النبي ص كان يعبر عن فرحه بهذا اليوم بالصوم، وهو نوع من العبادات. وبما أن
النبي ص أبدى اهتماماً بهذا اليوم بصومه عرفنا أن العبادة في مختلف أشكالها
جائزة لبيان مكانة هذا اليوم. وحتى لو تغير الشكل فالمحتوى قائم لذا فالصوم
أو إطعام المساكين، أو الاجتماع لمدح النبي r أو تبيان مناقبه وخلقه الحسن كلها
طرق لتبيان أهمية ذاك اليوم.
وقد جاء الأمر الإلهي بالابتهاج بمبعث النبي ص بقوله تعالى في كتابه العزيز: )
قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ( (يونس: 58).
وقد جاء هذا الأمر لأن الفرح يجعل القلب شاكراً لرحمة الله. وأية رحمة إلهية
أعظم من النبي ص إذ قال الله تعالى فيه: )
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين( (الأنبياء: 17).
ولأن النبي r بعث رحمة للعالمين كان لزاماً ليس على المسلمين فقط،
بل على كافة البشر أن يفرحوا به. ولكن مع الأسف نجد أن بعض المسلمين
هم في طليعة العاصين لأمر الله بالابتهاج بنبيه.
احتفال النبي بالمناسبات التاريخية الكبرى
كان النبي ص دائم الربط بين المناسبات الدينية والأحداث التاريخية،
وكلما مرت مناسبة هامة نبَه أصحابه للاحتفال بذلك اليوم والتأكيد على أهميته
حتى لو كان الحدث قد تم في زمن سحيق. وهذا البدء يؤكده الحديث التالي
من صحيح البخاري في كتاب الصوم باب 69 وكتاب الأنبياء باب 24 وابن ماجد
ومالك في الموطأ والإمام أحمد: أن النبي r قدم إلى المدينة فوجد اليهود يصومون
يوم عاشوراء، فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه قوم فرعون، ونجى موسى،
فنحن نصومه شكراً لله تعالى فقال: نحن أولى بصوم موسى منكم.
قال تعالى: صلوا على النبي
إن في إقامة ذكرى مولد النبي ما يحث على الثناء والصلاة عليه وهو واجب
أمرنا الله تعالى بالقيام به:
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه
وسلموا تسليما ( (الأحزاب:56)
فمجرد الاجتماع وذكر النبي يجعلنا نثني ونصلي عليه، فمن له ان يمنع الالتزام
بواجب أمرنا الله به في كتابه العزيز. ولعمري ففي إنفاذ أمر من أمور الله نكتسب
نوراً يملأ قلوبنا بفيض لا حد له. والجدير بالذكر أن هذا الأمر أتى بالجمع
: إن الله وملائكته يصلون على النبي، كأنهم في اجتماع منعقد، فمن
الخطأ الجسيم والحال هذه أن يقال بأن الصلاة على النبي يجب أن تكون على انفراد.
التكليف بالازدياد في حب النبي وتشريفه
يطلب الله من النبي بأن يذكّر أمته بأن على من يدعي حب الله عليه أن يحب نبيه أيضاً:
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله 0(آل عمران: 31).
( منقول )