العندليب الأسمر يتحدث للدنيا عاد العندليب الأسمر من رحلته إلى أوربا فجأة إلى لبنان. عاد عبد الحليم حافظ إلى جمهوره، إلى عشاق فنه، معافى وبصحة جيدة إلا من التمسك بمرض الاستشفاء الذي يشاركه فيه أكثر زملائه الفنانين!؟ هذا المرض الذي أصبح (مودة) عام 1962 عند أكثرهم أو طريقة جديدة لكسب عطف الجماهير ونيل أكبر عدد من المعجبين والمعجبات. اجتمعت بالمطرب العاطفي عبد الحليم في فندق فينيسيا الفخم المطل على البحر بعد نجاح الحفلة الكبرى التي أحياها في صالة الفندق وحضرها ما يزيد عن الأربعة آلاف شخص وذلك بعد عودته من لندن بثلاثة أيام فنالت نجاحاً كبيراً يحسد عليه. كان المطرب الرقيق مرهق الأعصاب تبدو على وجهه علائم التعب والإعياء، فالمعجبون والمعجبات على الهاتف وطلبات الصور والتواقيع ليلاً ونهاراً والصحفيون وزملاؤه الفنانون والفنانات على اتصال مستمر معه، وبصعوبة انتقلت مع العندليب الحزين إلى جناحه الخاص في الفندق الكبير وبدأنا نستعرض معاً حوادث الماضي وبعد أن عشنا مع ذكريات الأيام والليالي الحلوة التي قضيناها معاً في القاهرة ما يقارب الساعة والنصف سألته: يتهمك البعض في لبنان بالأنانية لعدم موافقتك على نقل الحفلة بالتلفزيون فأضعت بذلك على متعهدها عشرين ألف ليرة فما هو رأيك؟ أجاب: بتقول إيه؟ لم تعرض هذه الفكرة علي أبداً وحياة معزتك عندي والحفلة كويسة ونجحت زي البم وده كلام عزال. ما هو رأيك في تصريح فريد الأطرش الذي شرح فيه الفرق بينك وبينه فقال: أنه خالق ومبدع وأنت منشد وناقل الإبداع؟ إنني آسف أشد الأسف وأنا أقول لك بصراحة أن فريد أصبح همه الوحيد أن يقارن بينه وبيني أو بينه وبين الأستاذ محمد عبد الوهاب كما أنه لا يدافع عن نفسه إلا بالشتائم والذم وآخر تمثيلية فاشلة قام بها هي أنه اجتمع بالموسيقار محمد عبد الوهاب في سويسرا وراح يشكو له من بعض الصحفيين وقال أنهم يسببون له الإحراج والمشاكل مع زملائه الفنانين وقدم له مجموعة من المجلات الفنية التي نشرت تصريحه وقال لمحمد عبد الوهاب: أرجو ألا تصدق أبداً ما ينشر على لساني فهذه أقوال صحف مغرضة... ولم يجب الموسيقار الكبير إلا بضحكة عريضة فيها من معاني السخرية والهزء ما لا يوصف لتلك الطريقة التي أكد فيها فريد المثل القائل: يقتل القتيل ويمشي في جنازته وعليه فإني أنصح فريد بأن يكف عن هذه المهاترات ويترك المقارنة بينه وبين محمد عبد الوهاب أو غيره وأرجو ألا تتعدى منافسته الفن والفن وحده ولولا المنافسة الشريفة لما طمح أي فنان في ارتقاء سلم الشهرة والمجد. ما هي مشاريعك الجديدة؟ مشاريع المستقبل كثيرة منها إنتاج فيلم (معبودة الجماهير) وستشاركني البطولة فيه (شادية) والقصة للكاتب مصطفى أمين بالإضافة إلى أننا نستعد لتمثيل الفيلم الاستعراضي الغنائي الكبير (التلميذ) هذا الفيلم الذي ستجند له أكبر الإمكانيات الفنية ليقفز بفيلمنا العربي إلى مصاف الأفلام العالمية وستشترك معنا في إنتاجه شركة فوكس للقرن العشرين. هل فكرت في أن تشترك مع فناني لبنان في تمثيل هذا الفيلم أو سواه؟ فعلاً فكرت في ذلك ووجدت في سميرة توفيق الوجه الذي يصلح للسينما ولكنها تسرعت واتفقت مع غبري لإظهارها على الشاشة وأعتقد أنها أخطأت كثيراً وستندم على ذلك لأن بدايتها غير ناجحة بتاتاً. هل سنسمع لك أغان جديدة؟ قريباً ستذاع لي أغنية (بلاش عتاب) من ألحان كمال الطويل وأغنية (ندم) من ألحان محمد الموجي والأغنيتان هما من كلمات مرسي جميل عزيز. هل من كلمة أنقلها لعشاق صوتك وفنك في سورية وإلى قراء مجلة (الدنيا)؟ ونظر عبد الحليم حافظ إلي نظرة حيرة واستغراب وكأنه حاول التهرب من السؤال ولكن عبثاً لأنني ألححت في طلب الجواب فقال: أنا مدين بمجدي ونجاحي للشعب العربي في سورية ولإذاعة دمشق كما أني مدين به لبقية المستمعين لي في البلاد العربية وبصفتي إنساناً قبل أن أكون فناناً أتمنى أن يزول الجفاء بين جميع البلدان العربية لأعود فأغني في كل مكان لألتقي مع جمهوري الحبيب الذي أعتز وأفخر به. الدنيا الجديدة تشرين الثاني 1962