فاتن وحوار ممتع عن العندليب الأسمر
فى جريدة (أخبار النجوم)يوم 21 مارس 1998و فى ذكرى رحيل العندليب حاور الصحفى (أحمد صالح) الفنانة الكبيرة (فاتن حمامة)و كانت العناوين فى المقال .. عبد الحليم الممثل (تلقائى) و(بسيط) و(حساس) /أداؤه الصوتى يبدو (سهلا .. لذلك (لا تتعب) لو سمعته ساعات/الطرب بعد عبد الحليم يخلو من الجمال و الاحساس .. و كان الحوار كالاّتى
.. فاتن حمامة .. لعلها الوحيدة التى شاركت عبد الحليم بطولات أفلامه و لم تتحدث عنه منذ رحل من دنيانا الى الاّن .. كان حليم وجها جديدا أمامها فى (أيامنا الحلوة) ..
و كانت فاتن فى قمة تألقها .. و لعلها ترددت عندما قيل لها أن هذا المطرب الذى لم تره عل شاشة السينما من قبل .. سوف يكون بطلا أمامها مع عمر الشريف و أحمد رمزى .. و لكنها قبلت فى النهاية لأن (حليم) كان قد حقق نجاحا كمطرب
.. و كانت (فاتن) قد أعجبت بصوته و أسلوبه فى الغناء بالفعل .. فهل أعجبها تمثيله ؟ .. ثم حدث عندما مر عام واحد عاد بعده (حليم) ليلعب أمامها فيلما جديدا من اخراج بركات و كان قد صقل موهبته بالأداء التمثيلى من خلال خمسة أفلام أخرى ..
قلت لفاتن حمامة : لا أريد أن أفرض عليك أسئلة محددة فى البداية ..
لكننا نمر الاّن بذكرى وفاة عبد الحليم حافظ حدثينى عنه كما تريدين
-لمعت عيناها و سرحت للحظات قليلة ثم أجابت:
أول مرة قابلت عبد الحليم و رأيته كان يغنى على مسرح حديقة الأندلس
أخذ سمعى و اهتمامى لم أكن أعرفه على الاطلاق
لكنه كان يغنى باحساس .. كلمات حلوة عرفت فيما بعد أنها قصيدة (لقاء) التى كتبها الشاعر صلاح عبد الصبور و أغنية (صافينى مرة) التى كتبها سمير محبوب
سألت عن هذا المطرب الشاب الصغير السن الذى يقف أمامى على المسرح و قد وضع يديه خلف ظهره و راح يغنى بمنتهى السهولة دون رعشة الصوت و دون الجهد فى الأداء بحجة التطريب مما يجعل المستمع يتعب و ينهج مع المطرب أثناء الغناء كان الغناء يبدو جميلا و أسلوب الأداء أكثر جمالا قلت لنفسى يومها (الله احنا قدام فنان حقيقى)
كان هذا هو احساسى كمستمعة و بالتأكيد كان احساس كل مستمع لأن عبد الحليم بعد ذلك أصبح ظاهرة جديدة فى الغناء فقد ظهر مع مجموعة عمل جديدة أخاذة ضمت الموجى و الطويل و المؤلف المتميز مرسى جميل عزيز ثم انضم اليهم (بليغ) بعد ذلك ..
أجمل ما أثار اهتمامى منذ بداية عبد الحليم المطرب هو أولا الكلمة المنتقاه الحلوة -و هى أكثر الأشياء التى نحس أننا محرومون منها الاّن فى الغناء -و ثانيا أسلوب الأداء السهل و الملىء بالطرب فى نفس الوقت .. قلت اذن الطرب أجابت بسرعة :نعم الطرب تصور أننى أذكر يوم وفاة عبد الحليم وجدت نفسى أجرى الى بيت عبد الوهاب
لماذا بيت عبد الوهاب بالذات و ليس بيت عبد الحليم؟
لا أعرف ووجدت عبد الوهاب و قد وضع فى الجهاز شريطا لعبد الحليم بصوت عال جدا كما لو كان يريد أن تسمعه الدنيا كلها و كان يسير ذهابا و ايابا فى الممر الطويل بشقته و هو يردد :
يا خسارة الطرب يا خسارة الطرب
هل تذكرين الأغنية التى كان يسمعها عبد الوهاب ؟
الحقيقة لأ لكنى أذكر وقع ذلك علىّ أحسست بقيمة الطرب الجميل الذى منحه لنا عبد الحليم و غرقت وقتها فى الانصات لصوته لم أعش فى (ميتم) لكنى عشت مع صوت عبد الحليم ..
هل بكيت عبد الحليم ؟
طبعا بل أكثر من ذلك أننى ظللت مدة طويلة لا أستطيع أن أسمعه لأن صوته ارتبط معى ببكائى بعد وفاته و لكن بعد ذلك أحرص على سماعه كثيرا و دائما حتى الاّن قلت لسيدة الشاشة رأيك فى أداء عبد الحليم عندما مثل أمامك فى (أيامنا الحلوة) ؟ كان (طبيعيا) جدا و لذلك كان ناجحا و كانت لديه (تلقائية) واضحة و(احساس عال) فى كل شىء فى الأداء التمثيلى
و فى التعبير عن كلمات الأغنية
هل أحببت أغانيه فى الفيلم ؟
نعم أحببتها و أحبها الناس و كانت تتناسب جدا مع مواقف الفيلم
منها أغنيتان من ألحان الموجى هما (يا قلبى خبى و ليه تشغل بالك ليه)
و أغنيتان من ألحان كمال الطويل هما (هى دى هى و الحلو حياتى و روحى)
هل تذكرين مشهدا بالذات أعجبك من بين مشاهد عبد الحليم فى الفيلم ؟
أجابت ضاحكة المشهد الذى عاد فيه عبد الحليم (بالفلوس)لعلاجى و عندما سألوه : جبتها منين ؟ أجاب:اتجوزت(بخاطرها)-و كان يقصد قريبته القبيحة-ثم أكمل (علقة تفوت و لا حد يموت) و كذلك كل مشاهده مع أحمد رمزى و المقالب التى كانوا يتبادلونها كانت طريفة و قد اداها الاثنان بشكل طبيعى و غير مفتعل و فيلم موعد غرام قالت فاتن حمامة:نفس الصدق فى التعبير و كان متميزا و كانت أغنياته فى الفيلم جميلة و انتشرت بسرعة
و الأغنية التى أحبها بالذات فى هذا الفيلم هى أغنية (حلو و كداب)
هل انتهى الطرب بعد عبد عبد الحليم ؟
قطعا لا يزال يوجد طرب و لكن ليس هذا النوع من الطرب الذى عودنا عليه عبد الحليم الطرب بهذا الجمال و هذه السلاسة فى الأداء و الالقاء
الأسلوب السهل فى الغناء انتهى فعلا بعد وفاة عبد الحليم
قبل أن يودع عبد الحليم حافظ الحياة كان يعد لانتاج فيلم (لا) قصة مصطفى أمين و كان يريد أن يلعب فيها دور البطولة دون أن يغنى أغنية واحدة طوال الفيلم فقد كان اّخر أفلامه (ابى فوق الشجرة) من اخراج حسين كمال قد ضرب الرقم القياسى فى مدة العرض و ظل لعام كامل فى دور السينما مما جعله يريد أن يكتشف هل أحبته الجماهير كممثل بنفس درجة حبها له كمطرب
قالت فاتن حمامة:
لأ طبعا هو نجح كممثل فعلا بتلقائيته و طبيعته و بساطته كما قلت و لكن ليس بدرجة نجاحه كمطرب و الجماهير التى كانت تذهب لتشاهد أفلامه كانت
تريد أن تراه فيها كممثل و مطرب و غالبا كمطرب أولا ثم كممثل
و فى اعتقادى لو أنه اقدم فعلا على تجربة فيلم (لا) هذه لما نجح ..
و قلت لها سؤالا أخيرا
هل تعشقين أغنيات معينة لعبد الحليم عن غيرها ؟
نا أحب صوته و طريقته جدا لذلك أحب كل أغانيه و لكن لو خصصت سأقول ألحان عبد الوهاب و ألحان الموجى القديمة مثل (صافينى) و (ياللى الهوى خالك) و الأخيرة مثل قصيدتى نزار قبانى (قارئة الفنجان) و(رسالة من تحت الماء) و ألحان بليغ حمدى الشرقية الجميلة و أنا أعتقد ان بليغ كان ملحنا رائعا و قد تأثرت الموسيقى الشرقية بأفكاره و اتجاهاته الى الاّن)